للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ اشْتَرَكَتَا فِي السُّدُسِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقِيَاسُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ. لأَِنَّ تَعَدُّدَ جِهَةِ الْقَرَابَةِ فِي الْجَدَّةِ ذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ لَمْ يُكْسِبْهَا اسْمًا جَدِيدًا تَرِثُ بِهِ، بَل هِيَ فِي الْقَرَابَتَيْنِ جَدَّةٌ.

وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الصَّحِيحِ: إِلَى أَنَّ السُّدُسَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلاَثًا: الثُّلُثَانِ لِذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ. وَثُلُثُهُ لِذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ الإِْرْثِ مُتَرَتِّبٌ عَلَى وُجُودِ سَبَبِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ سَبَبَانِ، وَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ وَرِثَ بِهِمَا، كَالْجَدَّةِ ذَاتِ الْقَرَابَتَيْنِ، وَكَانَتِ الْجَدَّةُ الْوَاحِدَةُ كَأَنَّهَا جَدَّتَانِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فِي شَخْصِهَا حَقِيقَةً فَإِنَّهَا مُتَعَدِّدَةٌ حُكْمًا وَمَعْنَى، فَتَسْتَحِقُّ بِالسَّبَبَيْنِ بِمُقْتَضَى هَذَا التَّعَدُّدِ. وَهَذَا مِثْل مَا إِذَا اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ لِلإِْرْثِ فَإِنَّهُ يَرِثُ بِهِمَا اتِّفَاقًا، كَمَا إِذَا تُوُفِّيَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ عَمِّهَا الشَّقِيقِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ النِّصْفَ فَرْضًا بِاعْتِبَارِهِ زَوْجًا، وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا بِاعْتِبَارِهِ ابْنَ عَمٍّ شَقِيقٍ (١) .

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ لِلْجَدَّةِ: حَجْبُ الْجَدَّاتِ كُلِّهِنَّ بِالأُْمِّ، سَوَاءٌ أَكُنَّ لأَِبٍ أَمْ لأُِمٍّ، أَمَّا الأُْمِّيَّاتُ فَلأَِنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِالأُْمِّ. وَأَمَّا الأَْبَوِيَّاتُ فَلأَِنَّهُنَّ مِثْل الْجَدَّاتِ لأُِمٍّ، بَل هُنَّ أَضْعَفُ، وَلِهَذَا تُقَدَّمُ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَل الأُْمِّ عَلَى الْجَدَّةِ لأَِبٍ فِي الْحَضَانَةِ.

وَالْجَدَّاتُ الأَْبَوِيَّاتُ يَسْقُطْنَ بِالأَْبِ، وَهُوَ قَوْل عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ. وَنُقِل عَنْ


(١) المبسوط ٢٩ / ١٦٥ وما بعدها ط السعادة، والعذب الفائض ١ / ٦٦، والتحفة الخيرية ص ٩٨، ٩٩ ط الحلبي