للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ إِذْ ذَاكَ لِغَلَبَةِ أَهْل الصَّلاَحِ وَالأَْمَانَةِ لاَ تَصِل إِلَيْهَا يَدٌ خَائِنَةٌ، فَإِذَا تَرَكَهَا وَجَدَهَا، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلاَ يَأْمَنُ وُصُول يَدٍ خَائِنَةٍ إِلَيْهَا بَعْدَهُ، فَفِي أَخْذِهَا إِحْيَاؤُهَا وَحِفْظُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ضَيَاعُهَا وَجَبَ الْتِقَاطُهَا، وَهَذَا حَقٌّ، لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ وُصُولُهَا إِلَى رَبِّهَا وَأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقُ الْوُصُول، لأَِنَّ الزَّمَانَ إِذَا تَغَيَّرَ وَصَارَ طَرِيقَ التَّلَفِ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ بِلاَ شَكٍّ، وَهُوَ الاِلْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ.

وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي اللُّقَطَةِ: فَإِنْ وَجَدَ صَاحِبَهَا فَلْيَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَهُوَ مَال اللَّهِ عَزَّ وَجَل يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ (١)

وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الشَّاةِ وَغَيْرِهَا فِي الْحُكْمِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصَّحْرَاءِ وَالْعُمْرَانِ (٢) .

٦ - وَلِلْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أَوَّلاً: الضَّالَّةُ إِذَا كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ:

أ - ضَالَّةُ الإِْبِل فِي الصَّحْرَاءِ لاَ يَجُوزُ


(١) حديث عياض بن حمار: " فإن وجد صاحبها. . . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٣٣٥) وإسناده صحيح.
(٢) ابن عابدين ٣ / ٣٢١ - ٣٢٢، وفتح القدير ٥ / ٣٥٤، نشر دار إحياء التراث، والاختيار ٣ / ٣٢.