للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمُ التَّجَسُّسِ التَّكْلِيفِيِّ:

٥ - التَّجَسُّسُ تَعْتَرِيهِ أَحْكَامٌ ثَلاَثَةٌ: الْحُرْمَةُ وَالْوُجُوبُ وَالإِْبَاحَةُ.

فَالتَّجَسُّسُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الأَْصْل حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجَسَّسُوا} لأَِنَّ فِيهِ تَتَبُّعَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعَايِبِهِمْ وَالاِسْتِكْشَافَ عَمَّا سَتَرُوهُ. وَقَدْ قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُل الإِْيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تَتَبَّعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ. (١)

قَال ابْنُ وَهْبٍ: وَالسَّتْرُ وَاجِبٌ إِلاَّ عَنِ الإِْمَامِ وَالْوَالِي وَأَحَدِ الشُّهُودِ الأَْرْبَعَةِ فِي الزِّنَى.

وَقَدْ يَكُونُ التَّجَسُّسُ وَاجِبًا، فَقَدْ نُقِل عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَال: اللُّصُوصُ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ أَرَى أَنْ يُطْلَبُوا فِي مَظَانِّهِمْ وَيُعَانَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُقْتَلُوا أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ بِالْهَرَبِ. (٢) وَطَلَبُهُمْ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالتَّجَسُّسِ عَلَيْهِمْ وَتَتَبُّعِ أَخْبَارِهِمْ.

وَيُبَاحُ فِي الْحَرْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ بَعْثُ الْجَوَاسِيسِ لِتُعْرَفَ أَخْبَارُ جَيْشِ الْكُفَّارِ مِنْ عَدَدٍ وَعَتَادٍ وَأَيْنَ يُقِيمُونَ وَمَا إِلَى ذَلِكَ.


(١) تفسير الكشاف ٣ / ٥٦٨، وحديث: " يا معشر من آمن بلسانه. . . " أخرجه الترمذي (٤ / ٢٧٨ - ط الحلبي) وقال: حسن غريب.
(٢) تبصرة الحكام ٢ / ١٧١.