للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنُ قُدَامَةَ: وَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِالإِْقْرَارِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ لَمْ يُقْبَل إِنْكَارُهُ، لأَِنَّهُ نَسَبٌ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَمْ يَزُل بِإِنْكَارِهِ، كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِالْفِرَاشِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَمْ مُكَلَّفًا فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ. وَيَحْتَمِل أَنْ يَسْقُطَ نَسَبُ الْمُكَلَّفِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ عَنْهُ، لأَِنَّهُ ثَبَتَ بِاتِّفَاقِهِمَا فَزَال بِرُجُوعِهِمَا كَالْمَال. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالأَْوَّل أَصَحُّ، لأَِنَّهُ نَسَبٌ ثَبَتَ بِالإِْقْرَارِ فَأَشْبَهَ نَسَبَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَفَارَقَ الْمَال، لأَِنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لإِِثْبَاتِهِ. (١)

إِقْرَارُ الزَّوْجَةِ بِالْبُنُوَّةِ:

٦٨ - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ يُقْبَل إِقْرَارُ الزَّوْجَةِ بِالْوَلَدِ وَإِنْ صَدَّقَهَا، لأَِنَّ فِيهِ تَحْمِيل النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، لأَِنَّهُ يُنْسَبُ إِلَى الأَْبِ، إِلاَّ أَنْ يُصَدِّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ تُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ، وَيَصِحُّ إِقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِالْوَلَدِ مُطْلَقًا إِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَلاَ مُعْتَدَّةً، أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ، وَلاَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَتَوَارَثَانِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ مَعْرُوفٌ، لأَِنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَرِثُ بِجِهَةِ الأُْمِّ فَقَطْ. (٢)

وَعَنِ ابْنِ رُشْدٍ عَنِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ نَظَرَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ: ابْنِي، وَمِثْلُهُ يُولَدُ لَهَا وَصَدَّقَهَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهَا، إِذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ، وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِغُلاَمٍ مَفْصُولٍ فَادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا لَمْ يُلْحَقْ بِهَا فِي مِيرَاثٍ، وَلاَ يُحَدُّ مَنِ افْتَرَى عَلَيْهَا بِهِ. (٣)

وَيَنُصُّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ وَلَمْ


(١) المغني ٥ / ٢٠٦.
(٢) ابن عابدين ٤ / ٤٦٦.
(٣) التاج والإكليل ٥ / ٢٣٨، والحطاب ٥ / ٢٣٩