للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَرَامِ؛ لأَِنَّ الْحَرَمَ كُلَّهُ مَحَلٌّ لِلنُّسُكِ، وَلِذَلِكَ صَحَّ إِحْرَامُ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ مِنْهُ (١) وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الْحَرَمِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ إِنَّمَا لَزِمَهُ الْمَشْيُ إِلَيْهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ؛ لأَِنَّهُ الْتَزَمَ جَعْلَهُ وَصْفًا لِلْعِبَادَةِ، كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلاَةَ قَائِمًا (٢) وَأَنَّ الْمَشْيَ إِلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ أَوْ إِلَى مَوْضِعٍ مِنْهُ يُقْصَدُ مِنْهُ فِي الشَّرْعِ الْمَشْيُ إِلَيْهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَيُحْمَل النَّذْرُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ، وَيُلْغَى مَا يُخَالِفُهُ (٣)

الْمَذْهَبُ الثَّانِي: ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَيَرَوْنَ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَوْ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تَقَعُ فِي الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ لاَ يَصِحُّ نَذْرُهُ بِلاَ خِلاَفٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ ذَكَرَ الْكَعْبَةَ أَوْ مَكَّةَ أَوْ بَيْتَ اللَّهِ تَعَالَى، صَحَّ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا، وَإِنْ ذَكَرَ الْحَرَمَ أَوِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَمْ يَصِحَّ نَذْرُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ (٤) وَاسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّةِ نَذْرِ الْمَشْيِ إِلَى الْكَعْبَةِ أَوْ مَكَّةَ أَوْ بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلُزُومِ مَشْيِ النَّاذِرِ إِلَى


(١) المغني ٩ / ١٥، والكافي ٤ / ٤٢٣.
(٢) نهاية المحتاج ٨ / ٢٢٩.
(٣) كشاف القناع ٦ / ٢٩٢.
(٤) بدائع الصنائع ٦ / ٢٨٦٧ - ٢٨٦٨.