للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكُونَ صَالِحَةً لاِلْتِزَامِ الْحُقُوقِ، وَالْمَال لاَ يَقُومُ مَقَامَ الذِّمَّةِ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الصِّلَةِ (١) .

د - الْجِزْيَةُ:

٥٥ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْجِزْيَةِ عَنِ الذِّمِّيِّ إِذَا مَاتَ قَبْل أَدَائِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْجِزْيَةَ إِذَا وَجَبَتْ عَلَى الذِّمِّيِّ، فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ قَبْل أَدَائِهَا، سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْل أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَلاَ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهَا عُقُوبَةٌ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْحُدُودِ، وَلأَِنَّهَا تَسْقُطُ أَيْضًا بِإِسْلاَمِهِ، فَتَسْقُطُ كَذَلِك بِمَوْتِهِ.

إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: إِذَا أَوْصَى بِهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا (٢) .

وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْحَوْل، فَإِنَّ الْجِزْيَةَ لاَ تَسْقُطُ عَنْهُ، لأَِنَّهَا دَيْنٌ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَوْتِهِ، بَل تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمَالِيَّةِ.


(١) المبسوط للسرخسي ٣ / ٥٠، وبدائع الصنائع ٢ / ٥٣.
(٢) بدائع الصنائع ٢ / ٥٣، والمنتقى للباجي ٢ / ١٧٦، والمغني لابن قدامة ١٣ / ٢٢٢، والهداية مع الفتح ٢ / ٣٥٩، ٦ / ٥٢ - ٥٤، ورد المحتار ٤ / ٢٠٠.