للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ يَكُونُ الإِْذْنُ خَاصًّا بِشَخْصٍ، كَمَنْ يَقُول: هَذَا الشَّيْءُ صَدَقَةٌ لِفُلاَنٍ، أَوْ كَالْوَقْفِ عَلَى أَهْل مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لِصَرْفِ غَلَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ، أَوْ تَخْصِيصِ أَحَدِ الضِّيفَانِ بِطَعَامٍ خَاصٍّ، أَوِ اقْتِصَارِ الدَّعْوَةِ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ (١) .

ب - الإِْذْنُ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصَرُّفِ وَالْوَقْتِ وَالْمَكَانِ:

٦ - قَدْ يَكُونُ الإِْذْنُ عَامًّا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّصَرُّفِ وَالْوَقْتِ وَالْمَكَانِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا، فَإِذْنُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذْنًا عَامًّا يُجِيزُ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي سَائِرِ التِّجَارَاتِ مَا عَدَا التَّبَرُّعَاتِ، حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ فَهُوَ مَأْذُونٌ فِي جَمِيعِهَا، خِلاَفًا لِزُفَرَ؛ لأَِنَّ الإِْذْنَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِسْقَاطُ الْحَقِّ، وَالإِْسْقَاطَاتُ لاَ تَتَوَقَّتُ بِوَقْتٍ، وَلاَ تَتَخَصَّصُ بِنَوْعٍ دُونَ نَوْعٍ، وَلاَ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ يَوْمًا صَارَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا حَتَّى يَحْجُرَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَال لَهُ: أَذِنْتُ لَكَ فِي التِّجَارَةِ فِي الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ، إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ خَاصٍّ كَأَنْ يَقُول لَهُ: اشْتَرِ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا لِنَفْسِكَ أَوِ اشْتَرِ كِسْوَةً فَفِي الاِسْتِحْسَانِ يَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الاِسْتِخْدَامِ، يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: اعْلَمْ أَنَّ الإِْذْنَ بِالتَّصَرُّفِ إِذْنٌ بِالتِّجَارَةِ وَبِالشَّخْصِ اسْتِخْدَامٌ (٢) .


(١) ابن عابدين ٣ / ٤٤٣، والدسوقي ٤ / ٨٧، ٨٨ ط دار الفكر، ومنتهى الإرادات ٢ / ٥١٤ ط دار الفكر، ومغني المحتاج ٣ / ٢٤٩، ٣٩٠
(٢) ابن عابدين ٥ / ١٠١، ١٠٢، والاختيار ٢ / ١٠١ط دارا لمعرفة بيروت، وبدائع الصنائع ٧ / ١٩١ ط الجالية، والدسوقي ٣ / ٣٠٤، والهداية ٤ / ٣ ط المكتبة الإسلامية.