للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَل اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (١) } . فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ الأَْزْوَاجَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِمْ وَمِلْكِهِمْ دُونَ اعْتِبَارٍ لِحَال غَيْرِهِمْ (٢) .

الْقَوْل الثَّانِي: الْمُعْتَبَرُ حَال الزَّوْجَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ (٣) مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (٤) } مُوَجِّهِينَ اسْتِدْلاَلَهُمْ بِأَنَّ إِضَافَةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَل لِلرِّزْقِ وَالْكُسْوَةِ إِلَى الزَّوْجَاتِ الْوَالِدَاتِ فِيهِ دَلاَلَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَقْدِيرِهَا إِنَّمَا هُوَ حَال الزَّوْجَاتِ دُونَ الأَْزْوَاجِ، وَعَطْفَهُ سُبْحَانَهُ الْكُسْوَةَ عَلَى الرِّزْقِ لِيُبَيِّنَ تَسَاوِيَهُمَا، وَلَمَّا كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْكُسْوَةِ حَالَةَ الزَّوْجَةِ، فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِي الرِّزْقِ حَالَهَا كَذَلِكَ (٥) .

وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ " (٦) . فَأَسْنَدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) سُورَةُ الطَّلاَقِ / ٧.
(٢) تَكْمِلَةُ الْمَجْمُوعِ ١٨ / ٢٥٠.
(٣) رَدُّ الْمُحْتَارِ ٣ / ٥٧٤.
(٤) سُورَةُ الْبَقَرَةِ / ٢٣٣.
(٥) فَتْحُ الْبَارِي ٩ / ٥٠٩، وَنَيْل الأَْوْطَارِ ٦ / ٣٢٣.
(٦) حَدِيثُ: " خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ ". سَبَقَ تَخْرِيجُهُ فِقْرَةُ ٨.