للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ، أَنَّهُ يُخَرَّجُ حُكْمُهَا عَلَى الْخِلاَفِ فِي مَسْأَلَةِ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ، وَفِيهَا الأَْقْوَال: أَنَّهُ يَأْخُذُ بِالأَْشَدِّ، أَوْ بِالأَْخَفِّ، أَوْ يَتَخَيَّرُ. ثُمَّ قَال: وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى الْحَقَّ بِجَهْدِهِ وَمَعْرِفَةِ مِثْلِهِ وَيَتَّقِيَ اللَّهَ، قَال: وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْحَقِّ أَمَارَاتٍ كَثِيرَةً، وَلَمْ يُسَوِّ بَيْنَ مَا يُحِبُّهُ وَمَا يَسْخَطُهُ مِنْ كُل وَجْهٍ، بِحَيْثُ لاَ يَتَمَيَّزُ هَذَا مِنْ هَذَا، وَالْفِطَرُ السَّلِيمَةُ تَمِيل إِلَى الْحَقِّ وَتُؤْثِرُهُ، فَإِنْ قُدِّرَ ارْتِفَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْلِيفُ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهَا. (١)

مَعْرِفَةُ الْمُسْتَفْتِي حَال مَنْ يَسْتَفْتِيهِ:

٤٣ - يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَفْتِي إِنْ وَقَعَتْ لَهُ حَادِثَةٌ أَنْ يَسْأَل مُتَّصِفًا بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْكَمَال بْنِ الْهُمَامِ: الاِتِّفَاقُ عَلَى حِل اسْتِفْتَاءِ مَنْ عُرِفَ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ بِالاِجْتِهَادِ وَالْعَدَالَةِ، أَوْ رَآهُ مُنْتَصِبًا وَالنَّاسُ يَسْتَفْتُونَهُ مُعَظِّمِينَ لَهُ، وَعَلَى امْتِنَاعِهِ مِنَ الاِسْتِفْتَاءِ إِنْ ظَنَّ عَدَمَ أَحَدِهِمَا أَيْ عَدَمَ الاِجْتِهَادِ أَوِ الْعَدَالَةِ. (٢)

وَقَال النَّوَوِيُّ: يَسْأَل الْمُسْتَفْتِي مَنْ عَرَفَ عِلْمَهُ وَعَدَالَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الْعِلْمَ بَحَثَ عَنْهُ


(١) إعلام الموقعين ٤ / ٢١٩.
(٢) رد المحتار ٤ / ٣٠١.