للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ يُفَسِّرُونَ الإِْبَاحَةَ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ الَّذِي ذَكَرَهُ الأُْصُولِيُّونَ (١) .

وَأَيْضًا يَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ الإِْذْنَ وَالإِْبَاحَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا يُفِيدُ إِطْلاَقَ التَّصَرُّفِ فَقَدْ قَال الْجُرْجَانِيُّ (٢) : الإِْبَاحَةُ هِيَ الإِْذْنُ بِالإِْتْيَانِ بِالْفِعْل كَيْفَ شَاءَ الْفَاعِل. وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ (٣) : مَنْ نَثَرَ عَلَى النَّاسِ نِثَارًا كَانَ إِذْنًا فِي الْتِقَاطِهِ وَأُبِيحَ أَخْذُهُ، وَفَسَّرَ الشَّيْخُ عُلَيْشٌ: الْمُبَاحَ بِالْمَأْذُونِ فِيهِ (٤) .

وَإِذَا كَانَ الإِْذْنُ يُسْتَعْمَل بِمَعْنَى الإِْبَاحَةِ فَلأَِنَّ الإِْبَاحَةَ مَرْجِعُهَا الإِْذْنُ. فَالإِْذْنُ هُوَ أَصْل الإِْبَاحَةِ. وَلَوْلاَ صُدُورُ مَا يَدُل عَلَى الإِْذْنِ لَمَا كَانَ الْفِعْل جَائِزَ الْوُقُوعِ، فَالإِْبَاحَةُ الشَّرْعِيَّةُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ عِنْدَ جُمْهُورِ الأُْصُولِيِّينَ، وَيَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَى الشَّرْعِ (٥) .

وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الإِْبَاحَةَ تَكُونُ بِمُقْتَضَى الإِْذْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَرِيحًا أَمْ ضِمْنًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِنَ الشَّارِعِ أَمْ مِنَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ.

ب - الإِْجَازَةُ:

٣ - الإِْجَازَةُ مَعْنَاهَا الإِْمْضَاءُ يُقَال: أَجَازَ أَمْرَهُ إِذَا أَمْضَاهُ وَجَعَلَهُ جَائِزًا، وَأَجَزْتُ الْعَقْدَ جَعَلْتُهُ جَائِزًا وَنَافِذًا. وَالإِْذْنُ هُوَ إِجَازَةُ الإِْتْيَانِ بِالْفِعْل.

فَالإِْجَازَةُ وَالإِْذْنُ كِلاَهُمَا يَدُل عَلَى الْمُوَافَقَةِ عَلَى الْفِعْل


(١) ابن عابدين ٥ / ٢٢١
(٢) التعريفات للجرجاني ص ٣ ط مصطفى الحلبي.
(٣) المغني ٥ / ٦٠٤ ط مكتبة الرياض.
(٤) منح الجليل ١ / ٥٩٦ ط مكتبة النجاح طرابلس - ليبيا. .
(٥) جمع الجوامع ١ / ١٧٥، والمستصفى ١ / ١٠٠، والموافقات للشاطبي ١ / ١٨٦ ط المكتبة التجارية - مصر.