للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ ثُبُوتِ الإِْعْسَارِ دُونَ إِمْهَالٍ كَخِيَارِ الْعَيْبِ.

وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ، فَقَالُوا: إِذَا رَفَعَتِ الزَّوْجَةُ أَمْرَهَا لِلْقَاضِي، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَل الزَّوْجَ، فَإِنِ ادَّعَى الإِْعْسَارَ وَأَثْبَتَهُ تَلَوَّمَ لَهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، فَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُنْفِقْ، طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ، أَوِ ادَّعَى الْيَسَارَ، أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ، أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالإِْنْفَاقِ أَوِ الطَّلاَقِ، فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عَلَيْهِ حَالًّا مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ، وَقِيل: يُطَلِّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ أَيْضًا.

وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً يَقِل بَعْدَهَا عَنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، كَتَبَ الْقَاضِي إِلَيْهِ بِالْحُضُورِ وَالْخِيَارِ بَيْنَ الإِْنْفَاقِ أَوِ الْفِرَاقِ، فَإِنْ حَضَرَ وَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا فَبِهَا، وَإِلاَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَحْضُرْ، هَذَا إِذَا كَانَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ. فَإِذَا كَانَ لاَ يَعْلَمُ مَكَانَهُ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيدًا أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ فَوْرًا. (١)

التَّفْرِيقُ لِلْغَيْبَةِ وَالْفَقْدِ وَالْحَبْسِ:

٨٦ - الْغَائِبُ هُوَ: مَنْ غَادَرَ مَكَانَهُ لِسَفَرٍ وَلَمْ


(١) رد المحتار ٣ / ٥٩٠ - ٥٩١ والدسوقي والشرح الكبير ٢ / ٥١٨ - ٥٢٠، ومغني المحتاج ٣ / ٤٤٢ - ٤٤٤. والمغني ٨ / ١٧٥ - ١٨١.