للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْحَدِّ؛ لاِحْتِمَال صِدْقِهِ وَاحْتِمَال كَذِبِهِ، فَيُوَرِّثُ شُبْهَةً فِي ظُهُورِ الْحَدِّ، وَالْحُدُودُ لاَ تُسْتَوْفَى مَعَ الشُّبُهَاتِ، وَحِينَ أَقَرَّ مَاعِزٌ بِالزِّنَى لَقَّنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرُّجُوعَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْحَدُّ مُحْتَمِلاً لِلسُّقُوطِ بِالرُّجُوعِ مَا كَانَ لِلتَّلْقِينِ مَعْنًى، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَقَال الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو ثَوْرٍ: يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لأَِنَّ مَاعِزًا هَرَبَ فَقَتَلُوهُ، وَلَوْ قُبِل رُجُوعُهُ لَلَزِمَتْهُمُ الدِّيَةُ، وَلأَِنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ، فَلَمْ يُقْبَل رُجُوعُهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

أَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لاَ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَحُقُوقُ الْعِبَادِ مِنَ الأَْمْوَال وَغَيْرِهَا فَلاَ يُقْبَل الرُّجُوعُ فِيهَا.

وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ التَّفْصِيل الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فِيمَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. (١)

وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي بَحْثِ: (إِقْرَار) .

ج - أَثَرُ الرُّجُوعِ عَنِ الإِْسْلاَمِ وَإِلَيْهِ:

٣٩ - مِنْ آثَارِ الرُّجُوعِ عَنِ الإِْسْلاَمِ وَإِلَيْهِ إِهْدَارُ الدَّمِ أَوْ عِصْمَتُهُ، فَمَنْ كَانَ مُسْلِمًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ


(١) البدائع ٧ / ٦١، ٢٣٢، ٢٣٣، والدسوقي ٤ / ٣١٨، ٣١٩، والقوانين الفقهية ص ٣١٣ ط دار الكتاب العربي في باب الإقرار، والفروق للقرافي ٤ / ٣٨، والمهذب ٢ / ٣٤٦، والمغني ٥ / ١٦٤، ٨ / ١٩٧.