للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِإِذْنِهِ، فَلَهُ كَذَلِكَ حَقُّ الرُّجُوعِ؛ لأَِنَّ إِذْنَ الْمَدِينِ بِالأَْدَاءِ يَدُل عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُومَ الْكَفِيل عَنْهُ فِيهِ.

الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الضَّامِنُ قَدْ ضَمِنَ بِدُونِ إِذْنِ الْمَدِينِ، ثُمَّ أَدَّى بِدُونِ إِذْنٍ مِنْهُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لأَِنَّهُ أَدَاءٌ مُبْرِئٌ مِنْ دَيْنٍ وَاجِبٍ، فَكَانَ مِنْ ضَمَانِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَقِيَامُ الإِْنْسَانِ بِقَضَاءِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِهِ يَسْتَلْزِمُ حَقَّ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا، وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى: لاَ يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لأَِنَّ صَلاَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَدِينِ، بَعْدَ ضَمَانِ دَيْنِهِ (١) تَدُل عَلَى أَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ مِنَ الدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ لِلضَّامِنِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ ضَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ مَا بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ (٢) .

٢ - كَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ:

٤٣ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَفِيل الَّذِي لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُول عَنْهُ بِمَا أَدَّى، إِذَا كَانَ مَا وَفَّاهُ مِثْل الدَّيْنِ وَمِنْ جِنْسِهِ؛ لأَِنَّ الْكَفِيل - وَقَدْ أَمَرَ بِالضَّمَانِ وَقَامَ بِالْوَفَاءِ بِنَاءً عَلَيْهِ - يَتَمَلَّكُ الدَّيْنَ بِذَلِكَ الْوَفَاءِ، فَإِذَا أَدَّاهُ مِنْ جِنْسِهِ حَل مَحَل الدَّائِنِ فِيهِ، وَإِذَا أَدَّى


(١) حديث: " صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الميت المدين. . . " تقدم فقرة (٦) .
(٢) كشاف القناع ٣ / ٣٥٩، والمغني والشرح الكبير ٥ / ٨٦ وما بعدها.