للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - التَّكْفِيرُ بِالْعَمَل: ١٥ - نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَفْعَالٍ لَوْ فَعَلَهَا الْمُكَلَّفُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِهَا، وَهِيَ كُل مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ، كَالسُّجُودِ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ، فَإِنَّ هَذِهِ الأَْفْعَال تَدُل عَلَى عَدَمِ التَّصْدِيقِ، وَكَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي قَاذُورَةٍ، فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَإِنْ كَانَ مُصَدِّقًا، لأَِنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ التَّكْذِيبِ، وَلأَِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الاِسْتِخْفَافِ بِكَلاَمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالاِسْتِخْفَافُ بِالْكَلاَمِ اسْتِخْفَافٌ بِالْمُتَكَلِّمِ.

وَقَدْ أَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلْقَاءَ كُتُبِ الْحَدِيثِ بِهِ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَكْفِيرِ مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْكُفْرِ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ، وَشَدِّ زُنَّارٍ، وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ. وَقَيَّدَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِمَا إِذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلاً لأَِهْلِهِ، وَأَمَّا إِنْ لَبِسَهُ لَعِبًا فَحَرَامٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ (١) .

تَكْفِيرُ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ:

١٦ - مَذْهَبُ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَدَمُ تَكْفِيرِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ، وَعَدَمُ تَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ إِذَا مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَال ذَرَّةٍ مِنْ


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٨٤، حاشية الدسوقي ٤ / ٣٠١، ومغني المحتاج ٤ / ١٣٦، وحواشي تحفة المحتاج ٩ / ٩٠ وما بعدها، وروضة الطالبين ١٠ / ٦٩، وكشاف القناع ٦ / ١٦٩، وشرح العقائد للتفتازاني ١٤٢، ١٥٣.