للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ:

٣٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّمِ لآِخِرِ الْوَقْتِ أَفْضَل مِنْ تَقْدِيمِهِ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ، أَمَّا إِذَا يَئِسَ مِنْ وُجُودِهِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَقْدِيمُهُ أَوَّل الْوَقْتِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ) .

وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ أَفْضَلِيَّةَ التَّأْخِيرِ إِلَى آخِرِ الْوَقْتِ أَنْ لاَ يَخْرُجَ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ لاَ مُطْلَقًا، حَتَّى لاَ يَقَعَ الْمُصَلِّي فِي كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ بَعْدَ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي صَلاَةِ الْمَغْرِبِ هَل يُؤَخَّرُ أَمْ لاَ؟ ذَهَبَ إِلَى كُلٍّ فَرِيقٌ مِنَ الحَنَفِيَّةِ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالُوا: اسْتِحْبَابُ التَّأْخِيرِ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ ظَنًّا أَوْ يَقِينًا، أَمَّا إِذَا كَانَ مُتَرَدِّدًا أَوْ رَاجِيًا لَهُ فَيَتَوَسَّطُ فِي فِعْل الصَّلاَةِ.

وَالْقَوْل بِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ هُوَ قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ؛ لأَِنَّ مُرِيدَ الصَّلاَةِ حِينَ حَلَّتِ الصَّلاَةُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ فَدَخَل فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (١) .

فَكَانَ مُقْتَضَى الأَْمْرِ وُجُوبَ التَّيَمُّمِ أَوَّل الْوَقْتِ لَكِنَّهُ أَخَّرَ نَظَرًا لِرَجَائِهِ، فَجَعَل لَهُ حَالَةً وُسْطَى وَهِيَ الاِسْتِحْبَابُ.


(١) سورة المائدة / ٦.