للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَلُّوا لِلْفَرْضِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} (١) وَالْقِيَامُ إِلَى الصَّلاَةِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ لاَ قَبْلَهُ. كَمَا اسْتَدَلُّوا لِلنَّفْل بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جُعِلَتِ الأَْرْضُ كُلُّهَا لِي وَلأُِمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي الصَّلاَةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَعِنْدَهُ طَهُورُهُ (٢) .

وَإِنَّمَا جَازَ قَبْل الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ رَافِعًا لِلْحَدَثِ بِخِلاَفِ التَّيَمُّمِ، فَإِنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قَبْل الْوَقْتِ.

أَمَّا صَلاَةُ الْجِنَازَةِ أَوِ النَّفْل الَّذِي لاَ وَقْتَ لَهُ، أَوِ الْفَوَائِتِ الَّتِي أَرَادَ قَضَاءَهَا، فَإِنَّهُ لاَ وَقْتَ لِهَذَا التَّيَمُّمِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتٍ مَنْهِيٍّ عَنِ الصَّلاَةِ فِيهِ شَرْعًا.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ قَبْل الْوَقْتِ وَلأَِكْثَرَ مِنْ فَرْضٍ وَلِغَيْرِ الْفَرْضِ أَيْضًا لأَِنَّ التَّيَمُّمَ يَرْتَفِعُ بِهِ الْحَدَثُ إِلَى وُجُودِ الْمَاءِ، وَلَيْسَ بِمُبِيحٍ فَقَطْ، وَقَاسُوا ذَلِكَ عَلَى الْوُضُوءِ؛ وَلأَِنَّ التَّوْقِيتَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ سَمْعِيٍّ، وَلاَ دَلِيل فِيهِ (٣) .


(١) سورة المائدة / ٦.
(٢) حديث: " جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدًا وطهورًا "، أخرجه أحمد (٥ / ٢٤٨ - ط الميمنية) وعزاه ابن حجر إلى كتاب الثقفيات (التلخيص ١ / ١٤٩ - ط شركة الطباعة الفنية) وصحح إسناده.
(٣) البدائع ١ / ٥٤، وتبيين الحقائق ١ / ٤٢، وابن عابدين ١ / ١٦١، والقوانين الفقهية ص٣٧، ومغني المحتاج ١ / ١٠٥، وكشاف القناع ١ / ١٦١.