للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرَ الْمُسْلِمِ مَهْمَا اخْتَلَفَتْ دُوَلُهُمْ وَجِنْسِيَّاتُهُمْ؛ إِذْ لاَ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْمِيرَاثِ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ وَشَرْطِهِ (١) .

وَعِنْدَ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، أَنَّ اخْتِلاَفَ الدَّارَيْنِ يَمْنَعُ مِنَ التَّوَارُثِ بَيْنَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِعَدَمِ وُجُودِ التَّنَاصُرِ وَالْمُوَالاَةِ بَيْنَهُمَا لاِخْتِلاَفِ دَوْلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالْمُوَالاَةُ وَالتَّنَاصُرُ أَسَاسُ الْمِيرَاثِ (٢) .

٢٢ - وَهُنَاكَ مَوَانِعُ أُخْرَى فِي بَعْضِ الْمَذَاهِبِ، وَهِيَ اللِّعَانُ وَالزِّنَى، وَلَكِنَّ هَذَيْنِ الْمَانِعَيْنِ يَدْخُلاَنِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَفِي انْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بِاللِّعَانِ.

الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ:

٢٣ - عِنْدَ الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ مِنْ مَوَانِعِ الإِْرْثِ، الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنَ التَّوْرِيثِ عَدَمُهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقِرَّ حَائِزٌ لِلْمَال فِي ظَاهِرِ الْحَال بِمَنْ يَحْجُبُهُ حِرْمَانًا، كَمَا إِذَا أَقَرَّ أَخٌ لأَِبٍ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِابْنٍ لِلْمُتَوَفَّى مَجْهُول النَّسَبِ؛ إِذْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْقَرَابَةِ وَلَكِنْ لاَ يَرِثُ. إِذْ يَلْزَمُ مِنْ تَوْرِيثِهِ الدَّوْرُ الْحُكْمِيُّ، لأَِنَّهُ لَوْ وَرِثَ الاِبْنُ لَحَجَبَ الأَْخَ. فَلاَ يَكُونُ الأَْخُ وَارِثًا فَلاَ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارُهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، لَمْ يَثْبُتِ الإِْرْثُ. فَإِثْبَاتُ الإِْرْثِ يُؤَدِّي إِلَى نَفْيِهِ، وَمَا أَدَّى بِإِثْبَاتِهِ إِلَى نَفْيِهِ انْتَفَى مِنْ أَصْلِهِ، وَلاَ يَكُونُ


(١) الشرح الكبير ٤ / ٤٨٦، والعذب الفائض ١ / ٣٧، ونهاية المحتاج ٦ / ٣٧
(٢) حاشية الفناري ص ٧٩، ونهاية المحتاج ٦ / ٣٧، والعذب الفائض ١ / ٣٧