للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - أَمْوَالُهُمْ لاَ تُورَثُ عَنْهُمْ بَل تَكُونُ صَدَقَةً بَعْدَهُمْ:

١٢ - دَل عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثُ: " لاَ تَقْتَسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ " (١) ، وَالْحَدِيثُ الآْخَرُ: " إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَْنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَْنْبِيَاءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا، وَرَّثُوا الْعِلْمَ " (٢) ، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَانَ الأَْنْبِيَاءَ أَنْ يُورِّثُوا دُنْيَا، لِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ شُبْهَةً لِمَنْ يَقْدَحُ فِي نُبُوَّتِهِمْ بِأَنَّهُمْ طَلَبُوا الدُّنْيَا وَوَرَّثُوهَا لِوَرَثَتِهِمْ.

وَفِي قَوْلٍ: إِنَّ هَذِهِ خَاصِّيَّةٌ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، فَلَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ.

وَهَذَا قَوْل ابْنِ عَطِيَّةَ، كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ، قَال: وَقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ نُورَثُ مِنْ بَابِ تَعْبِيرِ الْوَاحِدِ عَنْ نَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (٣) ، وَاحْتَجَّ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:


(١) حديث: " لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما. . ". أخرجه البخاري (الفتح ٥ / ٤٠٦ ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٣٨٢ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(٢) حديث: " إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم ". أخرجه أبو داود (٤ / ٥٨ ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (٥ / ٤٩ ط الحلبي) من حديث أبي الدرداء، وقال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة وليس هو عندي بمتصل.
(٣) تفسير القرطبي ١١ / ٨١، ٨٢، وتفسير ابن كثير ٣ / ١١١، والذخيرة للقرافي ١٣ / ١٤، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ٢١٤، والعواصم من القواصم لابن العربي ص ١٤ نشر محب الدين الخطيب.