للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَابِلَةُ، إِلاَّ أَنَّهُمْ خَالَفُوا الشَّافِعِيَّةَ فِي أَنَّ لِلْعَامِل أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ إِنْ كَانَ حَيًّا، أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ إِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُ فِي الإِْنْقَاقِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الاِسْتِئْذَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَامِل يَسْتَحِقُّ جُعْلاً أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَال بِيَدِ الْعَامِل وَسَلَّمَهُ لِلْمَالِكِ أَمْ لاَ، حَتَّى لَوْ هَرَبَتِ الضَّالَّةُ مَثَلاً مِنْهُ، أَوْ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَالِكِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا قَبْل هَرَبِهَا أَوْ مَوْتِهَا؛ لأَِنَّ الإِْنْفَاقَ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا لِحُرْمَةِ النَّفْسِ، وَحَثًّا عَلَى صِيَانَةِ الضَّالَّةِ لِمَالِكِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَنْفَقَ الْعَامِل عَلَى الضَّالَّةِ بِإِذْنِ مَالِكِهَا.

وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْعَامِل التَّبَرُّعَ بِالنَّفَقَةِ، فَإِنْ كَانَ نَاوِيًا التَّبَرُّعَ بِهَا فَلاَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَالِكِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلاَ يَجُوزُ لِلْعَامِل اسْتِخْدَامُ الضَّالَّةِ أَوِ الآْبِقِ بِنَفَقَتِهِ كَالْمَرْهُونِ (١) .

حَبْسُ الْمَال الْمَرْدُودِ عَنِ الْجَاعِل لاِسْتِيفَاءِ النَّفَقَةِ:

٣٠ - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعَامِل أَنْ يَحْبِسَ الْمَال الْمُتَعَاقَدَ عَلَى رَدِّهِ عَنِ الْجَاعِل لاِسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْجَاعِل، أَوِ الْمَالِكِ، أَوِ الْقَاضِي، أَوْ


(١) أسنى المطالب وحاشية الرملي عليه ٢ / ٤٤٢، ٤٤٣، وحاشية البجيرمي على منهج الطلاب ٣ / ٢٢٢، وحاشية البجيرمي على الخطيب ٣ / ١٧٦، ومنح الجليل ٤ / ١١، والخرشي العدوي عليه ٧ / ٧٥، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ٤ / ٦٧، وكشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ٢ / ٤٢٠، ٤٤٧.