للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقِفُ عَلَى الْبَقَاءِ وَالدَّوَامِ عَلَى النِّكَاحِ. قَال الْكَاسَانِيُّ: وَهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَعْنَى إِلْحَاقِ اللَّعْنِ بِالْمُحَلِّل فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا إِلْحَاقُ اللَّعْنِ بِالْمُحَلَّل لَهُ فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ لِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ سَبَبٌ لِمُبَاشَرَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي هَذَا النِّكَاحَ، لِقَصْدِ الْفِرَاقِ وَالطَّلاَقِ دُونَ الإِْبْقَاءِ وَتَحْقِيقِ وَمَا وُضِعَ لَهُ، وَالْمُسَبِّبُ شَرِيكُ الْمُبَاشِرِ فِي الإِْثْمِ وَالثَّوَابِ فِي التَّسَبُّبِ لِلْمَعْصِيَةِ وَالطَّاعَةِ.

ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ بَاشَرَ مَا يُفْضِي إِلَى الَّذِي تَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ وَتَكْرَهُهُ مِنْ عَوْدِهَا إِلَيْهِ - أَيِ الْمَرْأَةِ - مِنْ مُضَاجَعَةِ غَيْرِهِ إِيَّاهَا وَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَهُوَ الطَّلَقَاتُ الثَّلاَثُ، إِذْ لَوْلاَهَا لَمَا وَقَعَ فِيهِ فَكَانَ إِلْحَاقُهُ اللَّعْنَ بِهِ لأَِجْل الطَّلَقَاتِ (١)

وَقَدْ أَوَّل الْحَنَفِيَّةُ اللَّعْنَ الْوَارِدَ فِي شَأْنِ الْمُحَلِّل بِتَأْوِيلاَتٍ أُخْرَى مِنْهَا: أَنَّ اللَّعْنَ عَلَى مَنْ شَرَطَ الأَْجْرَ عَلَى التَّحْلِيل، وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاللَّعْنُ عَلَى هَذَا الْحَمْل أَظْهَرُ، لأَِنَّهُ كَأَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَى عَسْبِ التَّيْسِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَيُقَرِّبُهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ سَمَّى الْمُحَلِّل بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ.

وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْبَزَّازِيِّ: أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَتِ الْمُطَلَّقَةُ نَفْسَهَا مِنَ الثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ


(١) الْبَدَائِع ٣ / ١٨٧ - ١٨٨، وَالْحَاوِي الْكَبِير للماوردي ١١ / ٤٥٧، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج ٣ / ١٨٣.