للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَدِ اُخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ لاَ يُخْرَجُ، بَل يُضْطَرُّ لِلْخُرُوجِ بِمَنْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَنْهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (١) .

وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يُبَاحُ إِخْرَاجُهُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لاَ يُؤَخَّرُ بَل يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوِ الْقِصَاصُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ. قَال فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إِنَّ الْحَرَمَ لاَ يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ (٢) .

ثَانِيًا: اسْتِيفَاءُ التَّعْزِيرَاتِ:

١٠ - التَّعْزِيرَاتُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا، فَقَال مَالِكٌ: وَجَبَ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ كَالْحُدُودِ، إِلاَّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الإِْمَامِ أَنَّ غَيْرَ الضَّرْبِ مَصْلَحَةٌ مِنَ الْمَلاَمَةِ وَالْكَلاَمِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَنْصُوصًا مِنَ الشَّارِعِ عَلَى التَّعْزِيرِ وَجَبَ، وَإِلاَّ فَلِلإِْمَامِ إِقَامَتُهُ أَوِ الْعَفْوُ عَنْهُ، حَسَبَ الْمَصْلَحَةِ وَحُصُول الاِنْزِجَارِ بِهِ أَوْ بِدُونِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: هُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الإِْمَامِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ


(١) سورة آل عمران / ٩٧.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٣٦٣ ط الأميرية الثالثة، والدسوقي ٤ / ٢٣١ - ٢٣٢، والجمل ٥ / ٥٠، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٨٨، والمغني ٨ / ٢٣٦. وحديث " إن الحرم لا يعيذ عاصيا. . . " أخرجه البخاري ومسلم من مقولة عمرو بن سعيد. (فتح الباري ٤ / ٤١ ط السلفية، وصحيح مسلم بشرح النووي ٩ / ١٢٧، ١٢٨ ط المطبعة المصرية بالأزهر ١٣٤٧ هـ) .