للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ مَا حَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلاَ يُعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفٌ - بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَمْرِ، أَوْ قَاءَهَا، وَذَلِكَ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَمِنْهُ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَجْمِ الْمَرْأَةِ إِذَا ظَهَرَ لَهَا حَمْلٌ وَلاَ زَوْجَ لَهَا، وَقَدْ قَال بِذَلِكَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ (١) .

وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (٢) .

الْقَرَائِنُ الْقَاطِعَةُ وَغَيْرُ الْقَاطِعَةِ:

٣ - إِنَّ مِنَ الْقَرَائِنِ مَا يَقْوَى حَتَّى يُفِيدَ الْقَطْعَ، وَمِنْهَا مَا يَضْعُفُ (٣) ، وَيُمَثِّلُونَ لِحَالَةِ الْقَطْعِ بِمُشَاهَدَةِ شَخْصٍ خَارِجٍ مِنْ دَارٍ خَالِيَةٍ خَائِفًا مَدْهُوشًا فِي يَدِهِ سِكِّينٌ مُلَوَّثَةٌ بِالدَّمِ، فَلَمَّا وَقَعَ الدُّخُول لِلدَّارِ رُئِيَ فِيهَا شَخْصٌ مَذْبُوحٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَتَشَخَّطُ فِي دِمَائِهِ، فَلاَ يُشْتَبَهُ هُنَا فِي كَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ الْقَاتِل، لِوُجُودِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ (٤) .

وَأَمَّا الْقَرِينَةُ غَيْرُ قَطْعِيَّةِ الدَّلاَلَةِ وَلَكِنَّهَا ظَنِّيَّةٌ أَغْلَبِيَّةٌ، وَمِنْهَا الْقَرَائِنُ الْعُرْفِيَّةُ أَوِ الْمُسْتَنْبَطَةُ مِنْ


(١) التبصرة لابن فرحون ٢ / ٩٧.
(٢) سورة الأنبياء / ٧٩.
(٣) الطرق الحكمية ص ١٩٤.
(٤) المادة (١٧٤١) مجلة الأحكام العدلية.