للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَامِسًا: الْبِنَاءُ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ:

٦١ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِمْرَارِ وَظِيفَةِ الْخَرَاجِ عَلَى الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ وَحَوَانِيتُ.

١ - فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى اسْتِمْرَارِ وُجُوبِ الْخَرَاجِ وَعَدَمِ سُقُوطِهِ عَنْ تِلْكَ الأَْرْضِ، لأَِنَّ الْخَرَاجَ لاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ (١) . رَوَى يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ أَنَّهُ سَأَل أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، تَرَى أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُل عَمَّا فِي يَدِهِ مِنْ دَارٍ، أَوْ ضَيْعَةٍ عَلَى مَا وَظَّفَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى كُل جَرِيبٍ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ؟ فَقَال مَا أَجْوَدُ هَذَا. فَقَال يَعْقُوبُ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُعْطِي مِنْ دَارِكَ الْخَرَاجَ فَتَتَصَدَّقُ بِهِ. فَقَال: نَعَمْ. وَقَدْ عَلَّل عُلَمَاءُ الْحَنَابِلَةِ فِعْل أَحْمَدَ بِقَوْلِهِمْ: (إِنَّمَا كَانَ أَحْمَدُ يَفْعَل ذَلِكَ لأَِنَّ بَغْدَادَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ الَّتِي وَضَعَ عَلَيْهَا عُمَرُ الْخَرَاجَ، فَلَمَّا بُنِيَتْ مَسَاكِنُ، رَاعَى أَحْمَدُ حَالَهَا الأُْولَى الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) . (٢)

٢ - وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى سُقُوطِ الْخَرَاجِ عَنِ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا مَنْ هِيَ بِيَدِهِ


(١) حاشية الدسوقي ٢ / ١٨٩، الماوردي: الأحكام السلطانية ص ١٥١ أبو يعلى: الأحكام السلطانية ص ١٧٠ البهوتي: كشاف القناع ٣ / ٩٨، ابن مفلح: المبدع ٣ / ٣٨٣.
(٢) ابن القيم: أحكام أهل الذمة ١ / ١٢٠.