للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

د - جَعْل الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ مَال السَّلَمِ:

ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ جَعْل الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ مَال السَّلَمِ، لأَِنَّ ذَلِكَ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (١) .

وَذَهَبَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دِينَارًا، فَجَعَلَهُ سَلَمًا فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ لِرَأْسِ مَال السَّلَمِ - مَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَال مُعَجَّلاً لِصِحَّةِ السَّلَمِ - وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ لِرَأْسِ مَال السَّلَمِ، وَهُوَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَكَأَنَّ الدَّائِنَ بَعْدَ عَقْدِ السَّلَمِ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، فَصَارَ مُعَجَّلاً حُكْمًا فَارْتَفَعَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ.

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي ذِمَّتِهِ، فَقَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ


(١) رد المحتار ٤ / ٢٠٩ بولاق ١٢٧٢ هـ، وتبيين الحقائق ٤ / ١٤٠، ونهاية المحتاج ٤ /! ٨٠، وفتح العزيز ٩ / ٢١٢، وبدائع الصنائع ٧ / ٣١٥٥ مط. الإمام، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢١، المغني ٤ / ٣٢٩ ط، مكتبة الرياض الحديثة.