للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَصْنَعَ الصُّورَةَ مِمَّا يَدُومُ مِنَ الْحَدِيدِ أَوِ النُّحَاسِ أَوِ الْحِجَارَةِ أَوِ الْخَشَبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِِنْ صَنَعَهَا مِمَّا لاَ يَدُومُ كَقِشْرِ بِطِّيخٍ أَوْ عَجِينٍ لَمْ يَحْرُمْ؛ لأَِنَّهُ إِِذَا نَشَفَ تَقَطَّعَ. عَلَى أَنَّ فِي هَذَا النَّوْعِ عِنْدَهُمْ خِلاَفًا، فَقَدْ قَال الأَْكْثَرُ مِنْهُمْ: يَحْرُمُ وَلَوْ كَانَ مِمَّا لاَ يَدُومُ.

وَنُقِل قَصْرُ التَّحْرِيمِ عَلَى ذَوَاتِ الظِّل عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ (١) .

وَقَال ابْنُ حَمْدَانَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: الْمُرَادُ بِالصُّورَةِ أَيِ: الْمُحَرَّمَةِ مَا كَانَ لَهَا جِسْمٌ مَصْنُوعٌ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ وَعُمْقٌ.

٢٣ - الْقَوْل الثَّالِثُ:

أَنَّهُ يَحْرُمُ تَصْوِيرُ ذَوَاتِ الأَْرْوَاحِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلصُّورَةِ ظِلٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَتَشَدَّدَ النَّوَوِيُّ حَتَّى ادَّعَى الإِِْجْمَاعَ عَلَيْهِ. وَفِي دَعْوَى الإِِْجْمَاعِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. وَقَدْ شَكَّكَ فِي صِحَّةِ الإِِْجْمَاعِ ابْنُ نُجَيْمٍ كَمَا فِي الطَّحْطَاوِيِّ عَلَى الدُّرِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لاَ يَرَوْنَ تَحْرِيمَ الصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ. لاَ يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ.


(١) متن خليل، وعليه شرح الدردير وحاشية الدسوقي ٢ / ٣٣٧، ٣٣٨، وغذاء الألباب للسفاريني شرح منظومة الآداب ٢ / ١٨٠، وشرح النووي على صحيح مسلم، (القاهرة، المطبعة العصرية ١٣٤٩ هـ كتاب اللباس) ١١ / ٨٠، وفتح الباري ١٠ / ٣٨٨. ولم نجد النص على ما نقل عن ابن العربي في أحكام القرآن فلعله في غير ذلك من كتبه.