للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي زَمَنِ الإِْعْذَارِ وَكَيْفِيَّتِهِ (١) .

مَا يَسْقُطُ بِهِ الإِْعْذَارُ:

١٧ - قَال الْمَالِكِيَّةُ: كُل مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ مِنْ مُعَامَلَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَوْ دَعْوَى بِفَسَادٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ غَصْبٍ، فَلاَ بُدَّ مِنَ الإِْعْذَارِ إِلَيْهِ قَبْل الْحُكْمِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْل الْفَسَادِ الظَّاهِرِ، أَوْ مِنَ الزَّنَادِقَةِ الْمَشْهُورِينَ بِمَا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ، فَلاَ يُعْذَرُ إِلَيْهِمْ فِيمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ. كَمَا حَدَثَ بِالنِّسْبَةِ لأَِبِي الْخَيْرِ الزِّنْدِيقِ، لَمَّا شَهِدَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَاهِدًا أَمَامَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ بِأَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالْكُفْرِ وَالاِنْسِلاَخِ مِنَ الإِْيمَانِ، فَأَشَارَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنْ يُعْذَرَ إِلَيْهِ فِيمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ وَبَعْضٌ آخَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ يُقْتَل بِغَيْرِ إِعْذَارٍ، لأَِنَّهُ مُلْحِدٌ كَافِرٌ، وَقَدْ وَجَبَ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَقُتِل بِغَيْرِ إِعْذَارٍ، فَقِيل لأَِحَدِهِمْ أَنْ يَذْكُرَ لَهُمْ وَجْهَ الْحُكْمِ، فَذُكِرَ أَنَّ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا بِالْقَتْل بِدُونِ إِعْذَارٍ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ قَطْعُ الإِْعْذَارِ عَمَّنِ اسْتَفَاضَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَاتُ فِي الظُّلْمِ، وَعَلَى مَذْهَبِهِ فِي السَّلاَّبَةِ وَالْمُغَيِّرِينَ وَأَشْبَاهِهِمْ، إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِمُ الْمَسْلُوبُونَ وَالْمُنْتَهَبُونَ أَنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِمْ - إِذَا كَانُوا مِنْ أَهْل الْقَبُول - بِدُونِ إِعْذَارٍ. وَكَذَلِكَ لاَ يُعْذَرُ فِي مِثْل رَجُلٍ يَتَعَلَّقُ بِرَجُلٍ، وَجُرْحُهُ يُدْمِي، فَيُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ. وَفِي الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالرَّجُل فِي


(١) ابن عابدين ٤ / ٥٢٠، والفتاوى الطرطوسية / ٣١٣، وتبصرة الحكام ١ / ٧٣، ١٣٩، والمغني ٩ / ٥٥، ٦١، وقليوبي وعميرة ٤ / ٣٠. وترى اللجنة أن هذه التفصيلات هي من قبيل الأوضاع الزمنية التي تتغير بتغير الظروف والملابسات بما يحقق اطمئنان القاضي إلى أن كلا من الخصمين قد أخذ حقه في المرافعة.