للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَامَّةً، لأَِنَّهُ إِذَا ذَهَبَ أَقَل مِنَ الثُّلُثَيْنِ بِالطَّبْخِ، فَالْحَرَامُ فِيهِ بَاقٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. أَمَّا إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ فَهُوَ حَلاَلٌ وَإِنِ اشْتَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَال مُحَمَّدٌ: يَحْرُمُ. وَهَذَا الْخِلاَفُ فِيمَا إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّقَوِّي، أَمَّا إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّلَهِّي فَإِنَّهُ لاَ يَحِل بِالاِتِّفَاقِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْل قَوْلِهِمَا. وَعَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَعَنْهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ. هَذَا إِذَا طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ، فَأَمَّا إِذَا طُبِخَ الْعِنَبُ كَمَا هُوَ، فَقَدْ حَكَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَصِيرِ لاَ يَحِل حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزَّبِيبِ، حَتَّى لَوْ طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الزَّبِيبِ، أَيْ يَحِل مِنْهُ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ، لأَِنَّ طَبْخَهُ قَبْل عَصْرِهِ أَبْعَدُ عَنْ صِفَةِ الْخَمْرِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ (١) .

حُكْمُ الْمَطْبُوخِ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَسَائِرِ الأَْنْبِذَةِ:

١٢ - مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - كَمَا تَقَدَّمَ - أَنَّ مَا أَسْكَرَ مِنَ النِّيءِ وَالْمَطْبُوخِ، سَوَاءٌ اتُّخِذَ مِنْ الْعِنَبِ أَوِ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ أَوْ غَيْرِهَا يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَدِلَّتِهِمْ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الْمَطْبُوخَ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَنَقِيعِ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٢٩٤١ - ٢٩٤٢. والهداية مع فتح القدير ٩ / ٣٥، والدر المختار ٥ / ٢٩٠.