للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَاضِي أَنَّ التَّحْرِيمَ يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا لأَِنَّ أَجْزَاءَ اللَّبَنِ حَصَلَتْ فِي بَطْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ لَوْنُهُ ظَاهِرًا (١) .

١٣ - كَمَا اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِاللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِطَعَامٍ وَالْمُتَغَيِّرَةِ هَيْئَتُهُ بِأَنْ يَصِيرَ جُبْنًا أَوْ مَخِيضًا، أَوْ إِقْطًا.

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ يَثْبُتُ بِهِ لِوُصُول عَيْنِ اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِ الطِّفْل، وَحُصُول التَّغْذِيَةِ بِهِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَأْثِيرَ لِلَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِطَعَامٍ وَلاَ الْمُتَغَيِّرِ هَيْئَتُهُ، وَلاَ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ لأَِنَّ اسْمَ الرَّضَاعِ لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ (٢) .

اشْتِرَاطُ تَعَدُّدِ الرَّضَعَاتِ:

١٤ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَصَاعِدًا يُحَرِّمْنَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَهَا.

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ) وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ قَلِيل الرَّضَاعِ وَكَثِيرَهُ يُحَرِّمُ وَإِنْ كَانَ مَصَّةً وَاحِدَةً، فَالشَّرْطُ فِي التَّحْرِيمِ أَنْ يَصِل اللَّبَنُ إِلَى جَوْفِ الطِّفْل مَهْمَا كَانَ قَدْرُهُ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ (٣) } .

وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِاسْمِ الرَّضَاعِ، فَحَيْثُ وُجِدَ وُجِدَ حُكْمُهُ،


(١) المغني ٨ / ٥٣٩، ٥٤٠
(٢) المصادر السابقة.
(٣) سورة النساء / ٢٣.