للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أَقْسَامُ الْمَال:

قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال تَقْسِيمَاتٍ كَثِيرَةً بِحَسَبِ الاِعْتِبَارَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَدِّدَةِ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

أ - بِالنَّظَرِ إِلَى التَّقَوُّمِ:

٤ - لَمْ يَجْعَل الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ شَرْعًا، وَاكْتَفَوْا بِاشْتِرَاطِ الْعَيْنِيَّةِ وَالاِنْتِفَاعِ الْمُعْتَادِ وَتَمَوُّل النَّاسِ فِي اعْتِبَارِ الشَّيْءِ مَالاً، وَقَدْ حَدَاهُمُ الْتِزَامُ هَذَا الْمَفْهُومِ لِلْمَال إِلَى تَقْسِيمِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُتَقَوِّمٍ، وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ. فَالْمَال الْمُتَقَوِّمُ عِنْدَهُمْ: هُوَ مَا يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فِي حَالَةِ السَّعَةِ وَالاِخْتِيَارِ.

وَالْمَال غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ: هُوَ مَا لاَ يُبَاحُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّينَ فَهِيَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ؛ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهَا ويَتَمَوَّلُونَها، وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ (١) .

وَقَدْ بَنَوْا عَلَى ذَلِكَ التَّقْسِيمِ: أَنَّ مَنِ اعْتَدَى عَلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ ضَمِنَهُ، أَمَّا غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ هَدَرٌ، وَلاَ يَلْزَمُ مُتْلِفَهُ ضَمَانٌ. كَمَا أَنَّ إِجَازَةَ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ بِالْمَال مَنُوطَةٌ بِتَقَوُّمِهِ، فَالْمَال الْمُتَقَوِّمُ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ


(١) منحة الخالق على البحر الرائق ٥ / ٢٧٧، تبيين الحقائق ٥ / ٢٣٥ المبسوط ١٣ / ٢٥.