للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَكِنَّهُ فَاسِدٌ فِي الْمَعْنَى لأَِنَّ أَوَّلَهُ دَمٌ، وَهُوَ الْيَوْمُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَلَيْسَ مِنَ الْحَيْضِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ عِنْدَهُمْ فَهُوَ مِنَ الطُّهْرِ، وَبِمَا أَنَّ الطُّهْرَ خَالَطَهُ الدَّمُ فِي أَوَّلِهِ فَلاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَادَةً.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي شَرْحِ رِسَالَةِ الْحَيْضِ: وَالْحَاصِل أَنَّ فَسَادَ الدَّمِ يُفْسِدُ الطُّهْرَ الْمُتَخَلِّل فَيَجْعَلُهُ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي، فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ كَأَنَّهَا اُبْتُدِئَتْ بِالاِسْتِمْرَارِ، وَيَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةً وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ، وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَزِدِ الدَّمُ وَالطُّهْرُ عَلَى ثَلاَثِينَ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ أَوَّل مَا رَأَتْ، وَإِنْ زَادَ يُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّل الاِسْتِمْرَارِ الْحَقِيقِيِّ، وَيَكُونُ جَمِيعُ مَا بَيْنَ دَمِ الْحَيْضِ الأَْوَّل وَدَمِ الاِسْتِمْرَارِ طُهْرًا (١) .

الثَّالِثَةُ: أَنْ تَرَى دَمًا صَحِيحًا، وَطُهْرًا فَاسِدًا، فَإِنَّ الدَّمَ الصَّحِيحَ يُعْتَبَرُ عَادَةً لَهَا فَقَطْ، فَتُرَدُّ إِلَيْهِ فِي زَمَنِ الاِسْتِمْرَارِ، وَيَكُونُ طُهْرُهَا أَثْنَاءَ الاِسْتِمْرَارِ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ.

فَلَوْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ خَمْسَةً دَمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ الدَّمُ، فَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، فَتُصَلِّي مِنْ أَوَّل الاِسْتِمْرَارِ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا تَكْمِلَةَ الطُّهْرِ، ثُمَّ تَتْرُكُ الصَّلاَةَ خَمْسَةً، ثُمَّ تَغْتَسِل وَتُصَلِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَهَكَذَا، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِذَا كَانَ الطُّهْرُ فَاسِدًا فِي الْمَعْنَى فَقَطْ، كَمَا لَوْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ ثَلاَثَةً دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا، ثُمَّ يَوْمًا دَمًا ثُمَّ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فَإِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي رَأَتْ فِيهِ الدَّمَ - وَقَدْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الطُّهْرَيْنِ - أَفْسَدَهُمَا مَعًا لأَِنَّهُ لاَ يُعْتَبَرُ حَيْضًا فَهُوَ مِنَ الطُّهْرِ، وَعَلَيْهِ: فَالأَْيَّامُ الثَّلاَثَةُ الأُْولَى حَيْضٌ، وَوَاحِدٌ


(١) شرح رسالة الحيض مجموعة رسائل ابن عابدين ١ / ٩٤ - ٩٦