للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأَِعْدَائِهِ، وَذَكَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّ لِلشَّخْصِ فِي أَعْدَائِهِ ثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُحِبَّ مَسَاءَتَهُمْ بِطَبْعِهِ، وَيَكْرَهَ حُبَّهُ لِذَلِكَ وَمَيْل قَلْبِهِ إِلَيْهِ بِعَقْلِهِ، وَيَمْقُتَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ، وَيَوَدَّ لَوْ كَانَتْ لَهُ حِيلَةٌ فِي إِزَالَةِ ذَلِكَ الْمَيْل مِنْهُ، وَهَذَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ قَطْعًا، لأَِنَّهُ لاَ يَدْخُل تَحْتَ الاِخْتِيَارِ أَكْثَرُ مِنْهُ.

الثَّانِي: أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ وَيُظْهِرَ الْفَرَحَ بِمَسَاءَتِهِ إِمَّا بِلِسَانِهِ أَوْ بِجَوَارِحِهِ فَهَذَا. هُوَ الْحَسَدُ الْمَحْظُورُ قَطْعًا.

الثَّالِثُ: وَهُوَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَحْسُدَ بِالْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ مَقْتٍ لِنَفْسِهِ عَلَى حَسَدِهِ، وَمِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ مِنْهُ عَلَى قَلْبِهِ، وَلَكِنْ يَحْفَظُ جَوَارِحَهُ عَنْ طَاعَةِ الْحَسَدِ فِي مُقْتَضَاهُ، وَهَذَا فِي مَحَل الْخِلاَفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَخْلُو عَنْ إِثْمٍ بِقَدْرِ قُوَّةِ ذَلِكَ الْحُبِّ وَضَعْفِهِ (١) .

عِلاَجُ الْمَحْسُودِ مِمَّا لَحِقَ بِهِ مِنْ أَذًى بِسَبَبِ الْحَسَدِ:

١٣ - الْمَقْصُودُ بِالْعِلاَجِ هُنَا الْعِلاَجُ النَّبَوِيُّ لِتِلْكَ الْعِلَّةِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ:

أَحَدُهَا: الإِِْكْثَارُ مِنَ التَّعَوُّذِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَالتَّعَوُّذَاتِ النَّبَوِيَّةِ، نَحْوِ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ.


(١) إحياء علوم الدين ٣ / ١٩٦ ط الحلبي.