للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَانْظُرِ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص ف ١٧، ٢٢) .

قَتْل الْوَلَدِ بِوَالِدَيْهِ:

٥٧ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ) إِلَى أَنَّهُ يُقْتَل الْوَلَدُ بِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْوَالِدَيْنِ لِعُمُومِ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، ثُمَّ خُصَّ مِنْهَا الْوَالِدُ بِالنَّصِّ الْخَاصِّ فَبَقِيَ الْوَلَدُ دَاخِلاً تَحْتَ الْعُمُومِ، وَلأَِنَّ الْقِصَاصَ شُرِعَ لِتَحْقِيقِ حِكْمَةِ الْحَيَاةِ بِالزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى الزَّجْرِ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لاَ فِي جَانِبِ الْوَالِدِ، لأَِنَّ الْوَالِدَ يُحِبُّ وَلَدَهُ لِوَلَدِهِ لاَ لِنَفْسِهِ بِوُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ يُحِبُّهُ لِحَيَاةِ الذَّكَرِ لِمَا يَحْيَى بِهِ ذِكْرُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا زِيَادَةُ شَفَقَةٍ تَمْنَعُ الْوَالِدَ عَنْ قَتْلِهِ، فَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّمَا يُحِبُّ وَالِدَهُ لاَ لِوَالِدِهِ بَل لِنَفَسِهِ، وَهُوَ وُصُول النَّفْعِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَلَمْ تَكُنْ مَحَبَّتُهُ وَشَفَقَتُهُ مَانِعَةً مِنَ الْقَتْل، فَلَزِمَ الْمَنْعُ بِشَرْعِ الْقِصَاصِ كَمَا فِي الأَْجَانِبِ، وَأَنَّ مَحَبَّةَ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ لَمَّا كَانَتْ مِنْ أَجْل مَنَافِعَ تَصِل إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لاَ لِعَيْنِهِ، فَرُبَّمَا يَقْتُل الْوَالِدَ لِيَتَعَجَّل الْوُصُول إِلَى أَمْلاَكِهِ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ لاَ يَصِل النَّفْعُ إِلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ لِعَوَارِضَ، وَلَكِنْ مِثْل هَذَا يَنْدُرُ فِي جَانِبِ الأَْبِ، وَأَنَّ الأَْبَ أَعْظَمُ حُرْمَةً وَحَقًّا مِنَ الأَْجْنَبِيِّ، فَإِذَا قُتِل