للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَتَى أَرَادَ الْوَدِيعُ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا لَزِمَهُ قَبُولُهَا، لأَِنَّ الْوَدِيعَ مُتَبَرِّعٌ بِإِمْسَاكِهَا وَحِفْظِهَا لِمَالِكِهَا، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ ٩

فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَدِيعُ مُتَبَرِّعًا بِالْحِفْظِ، كَمَا فِي حَالَةِ الْوَدِيعَةِ بِأَجْرٍ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى لُزُومِ عَقْدِ الإِْيدَاعِ حِينَئِذٍ، لِصَيْرُورَتِهِ إِجَارَةً عَلَى الْحِفْظِ، وَاعْتِبَارِ الْوَدِيعِ فِيهِ أَجِيرًا، وَبِذَلِكَ لاَ يَكُونُ لأَِحَدٍ مِنَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَفْسَخَهُ بِإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ قَبْل تَمَامِ الْمُدَّةِ، كَسَائِرِ الإِْجَارَاتِ (١) .

٦٨ - أَمَّا انْفِسَاخُ عَقْدِ الإِْيدَاعِ، بِمَعْنَى حَل رَابِطَةِ الْعَقْدِ لِطُرُوءِ سَبَبٍ يَمْنَعُ بَقَاءَهُ وَاسْتِمْرَارَهُ (٢) ، فَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لَهُ سَبْعَةَ أَسْبَابٍ:

أَحَدُهَا: مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (الْمُودِعِ أَوِ الْوَدِيعِ) :

أَمَّا الْمُودِعُ، فَلأَِنَّ مِلْكِيَّةَ الْمَال الْمُودَعِ انْتَقَلَتْ بِمَوْتِهِ إِلَى وَرَثَتِهِ أَوْ دَائِنِيهِ.

وَأَمَّا الْوَدِيعُ، فَلأَِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلْحِفْظِ قَدْ زَالَتْ بِمَوْتِهِ.


(١) دُرَر الْحُكَّام ٢ / ٢٢٨، وَمَوَاهِب الْجَلِيل (٥ / ١٨٨) .
(٢) انْظُرِ الْحَموِي عَلَى الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لاِبْنِ نَجِيم ٢ / ١٩٤.