للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَكَرَهَا اسْتِقْلاَلاً: كَأَنْ يَقُول الْمُتَكَلِّمُ: قَال النَّبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَبِالْجَوَازِ إِنْ ذَكَرَهَا تَبَعًا: أَيْ مَضْمُومَةً إِلَى الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ، فَيَجُوزُ: اللَّهُمَّ صَل عَلَى مُحَمَّدٍ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا.

وَلاَ يَجُوزُ: ارْحَمْ مُحَمَّدًا، بِدُونِ الصَّلاَةِ؛ لأَِنَّهَا وَرَدَتْ فِي الأَْحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِيهَا عَلَى سَبِيل التَّبَعِيَّةِ لِلصَّلاَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَلَمْ يَرِدْ مَا يَدُل عَلَى وُقُوعِهَا مُفْرَدَةً، وَرُبَّ شَيْءٍ يَجُوزُ تَبَعًا، لاَ اسْتِقْلاَلاً. وَبِهِ أَخَذَ جَمْعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، بَل نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنِ الْجُمْهُورِ، وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ (١) .

د - التَّرَحُّمُ عَلَى الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الأَْخْيَارِ:

٨ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ التَّرَحُّمِ عَلَى الصَّحَابَةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّحَابَةِ الأَْوْلَى أَنْ يُقَال: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَأَمَّا عِنْدَ ذِكْرِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْعُبَّادِ، وَسَائِرِ الأَْخْيَارِ فَيُقَال: رَحِمَهُمُ اللَّهُ.

قَال الزَّيْلَعِيُّ: الأَْوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضَى، وَلِلتَّابِعَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي طَلَبِ الرِّضَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَهِدُونَ فِي


(١) ابن عابدين ١ / ٣٤٤، ٣٤٥، ٥ / ٤٨٠، والطحطاوي ١ / ٢٢٦، والقليوبي ٣ / ٦٧٥، ونهاية المحتاج ١ / ٥٣١.