للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النِّيَّةِ؛ لأَِنَّ الرَّجْعَةَ هَزْلُهَا جِدٌّ؛ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِالنَّفَقَةِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَلَكِنْ لاَ يَحِل لَهُ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ يَحِل لَهُ أَيْضًا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ - حَيْثُ قَالُوا: إِنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِالْهَزْل ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالرَّجْعَةَ تَصِحُّ ظَاهِرًا لاَ بَاطِنًا - أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ صِيغَةٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَكَانَ الْهَزْل فِيهِ كَالْعَدَمِ، وَلَمَّا ضَعُفَ أَمْرُ الرَّجْعَةِ - لِكَوْنِ صِيغَتِهَا مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَقَطْ أَثَّرَ هَزْلُهُ فِيهَا فِي الْبَاطِنِ (١) .

وَعَمَّمَ الشَّافِعِيَّةُ حُكْمَ حَدِيثِ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلاَقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ عَلَى كُل التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا، وَقَالُوا: وَخُصَّتِ الثَّلاَثَةُ لِتَأَكُّدِ أَمْرِ الأَْبْضَاعِ، وَإِلاَّ فَكُل التَّصَرُّفَاتِ كَذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: " وَالْعِتْقُ " وَخُصَّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ (٢) ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ثُبُوتَ الْحُكْمِ فِي غَيْرِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ هُوَ مِنْ قَبِيل الْقِيَاسِ (٣) .

٢٤ - الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (فِي


(١) الشَّرْح الصَّغِير ٢ / ٦٠٥، ٦٠٦، ٦٠٧.
(٢) تُحْفَة الْمُحْتَاج مَعَ حَوَاشِي الشرواني وَابْن قَاسِم الْعَبَّادِيّ ٨ / ٢٩.
(٣) حَاشِيَة الْجُمَل ٤ / ٣٣٨ - ٣٣٩.