للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَال: أَنْ تَقْتُل وَلَدَك خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَال: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ. (١)

وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْمِلَل عَلَى تَحْرِيمِهِ. فَلَمْ يَحِل فِي مِلَّةٍ قَطُّ. وَلِذَا كَانَ حَدُّهُ أَشَدَّ الْحُدُودِ؛ لأَِنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الأَْعْرَاضِ وَالأَْنْسَابِ. وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ حِفْظُ النَّفْسِ وَالدِّينِ وَالنَّسَبِ وَالْعَقْل وَالْمَال (٢) .

تَفَاوُتُ إِثْمِ الزِّنَى:

٦ - يَتَفَاوَتُ إِثْمُ الزِّنَى وَيَعْظُمُ جُرْمُهُ بِحَسَبِ مَوَارِدِهِ. فَالزِّنَى بِذَاتِ الْمَحْرَمِ أَوْ بِذَاتِ الزَّوْجِ أَعْظَمُ مِنَ الزِّنَى بِأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مَنْ لاَ زَوْجَ لَهَا، إِذْ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الزَّوْجِ، وَإِفْسَادُ فِرَاشِهِ، وَتَعْلِيقُ نَسَبٍ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ أَذَاهُ. فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا وَجُرْمًا مِنَ الزِّنَى بِغَيْرِ ذَاتِ الْبَعْل وَالأَْجْنَبِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا جَارًا انْضَمَّ لَهُ سُوءُ الْجِوَارِ. وَإِيذَاءُ الْجَارِ بِأَعْلَى أَنْوَاعِ الأَْذَى، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْبَوَائِقِ، فَلَوْ كَانَ الْجَارُ أَخًا أَوْ قَرِيبًا مِنْ أَقَارِبِهِ انْضَمَّ لَهُ قَطِيعَةُ الرَّحِمِ فَيَتَضَاعَفُ الإِْثْمُ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ


(١) حديث: " أي الذنب أعظم؟ " أخرجه البخاري (الفتح ٨ / ٤٩٢ - ط السلفية) ومسلم (١ / ٩٠ - ط الحلبي) .
(٢) حاشية الجمل على المنهج ٥ / ١٢٨ دار إحياء التراث العربي، المغني لابن قدامة ٨ / ١٥٦ الرياض، مطالب أولي النهى ٦ / ١٧٢ المكتب الإسلامي ١٩٦١ م، تفسير القرطبي ١٠ / ٢٥٣ مطبعة دار الكتب ١٩٦٢ م القاهرة.