للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيَبِيعُ الْقَاضِي الأَْرْضَ بِدَيْنِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ يَفْسَخُ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ، وَلاَ تَنْفَسِخُ بِنَفْسِ الْعُذْرِ.

أَمَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الْفَسْخُ بِأَنْ كَانَ الزَّرْعُ بَقْلاً، فَإِنَّ الأَْرْضَ لاَ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ إِلاَّ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّرْعِ الْحَصَادَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (١) ، لأَِنَّ فِي الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِبْطَال حَقِّ الْمُزَارِعِ، وَفِي الاِنْتِظَارِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ تَأْخِيرَ حَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَفِيهِ رِعَايَةٌ لِلْجَانِبَيْنِ فَكَانَ أَوْلَى.

فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الأَْرْضِ مَحْبُوسًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ مِنْ حَبْسِهِ إِلَى غَايَةِ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ، لأَِنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَهُوَ الْمَطْل وَهُوَ غَيْرُ مُمَاطِلٍ قَبْل الإِْدْرَاكِ، لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا عَنْ بَيْعِ الأَْرْضِ شَرْعًا، وَالْمَمْنُوعُ مَعْذُورٌ، فَإِذَا أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إِلَى الْحَبْسِ مَرَّةً أُخْرَى لِيَبِيعَ أَرْضَهُ وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ بِنَفْسِهِ، وَإِلاَّ فَيَبِيعُ الْقَاضِي (٢) .

ب - الْعُذْرُ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى الْمُزَارِعِ:

٤٠ - وَأَمَّا الْعُذْرُ الاِضْطِرَارِيُّ الَّذِي يَرْجِعُ إِلَى الْمُزَارِعِ فَنَحْوُ الْمَرَضِ الشَّدِيدِ، لأَِنَّهُ مُعْجِزٌ عَنِ الْعَمَل، وَنَحْوُ السَّفَرِ الْبَعِيدِ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي حَاجَةٍ إِلَيْهِ، وَنَحْوُ تَرْكِهِ حِرْفَتَهُ إِلَى حِرْفَةٍ أُخْرَى، لأَِنَّ مِنَ الْحِرَفِ مَا لاَ يُغْنِي مِنْ جَوْعٍ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٣، وحاشية ابن عابدين ٦ / ٢٨٠، والهداية مع التكملة ٩ / ٤٧٤، والفتاوى الهندية ٥ / ٢٦٠.
(٢) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٤، وتبيين الحقائق ٥ / ٢٨٢، وتكملة البحر الرائق ٨ / ١٨٥، والمبسوط ٢٣ / ٤٤، ٤٥، والهداية مع التكملة ٩ / ٤٧٥، والفتاوى الهندية ٥ / ٢٦٠.