للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعْيِينُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالْكَيْل

٦ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَعْلُومًا مُبَيَّنًا بِمَا يَرْفَعُ الْجَهَالَةَ وَيَسُدُّ بَابَ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِهِ (١) ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (٢) .

وَهَل يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِقْدَارِ بِالْكَيْل فِي الْمَكِيلاَتِ؟ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ:

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: لاَ يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ الْمَكِيل بِالْكَيْل، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ سَوَاءٌ بِالْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ (٣) ، قَال الْكَاسَانِيُّ: لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَكِيلاً فَأَعْلَمَ قَدْرَهُ بِالْوَزْنِ الْمَعْلُومِ، أَوْ كَانَ مَوْزُونًا فَأَعْلَمَ قَدْرَهُ بِالْكَيْل الْمَعْلُومِ جَازَ، لأَِنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِمِعْيَارٍ يُؤْمَنُ فَقْدُهُ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا بَاعَ الْمَكِيل بِالْمَكِيل وَزْنًا بِوَزْنٍ مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ أَوْ بَاعَ الْمَوْزُونَ بِالْمَوْزُونِ كَيْلاً بِكَيْلٍ مُتَسَاوِيًا فِي الْكَيْل أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ مَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ، لأَِنَّ شَرْطَ السَّلَمِ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالْعِلْمُ بِالْقَدْرِ كَمَا يَحْصُل


(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٠٧، والخرشي ٥ / ٢١٣، ونهاية المحتاج ٤ / ١٩٠، والمغني ٤ / ٣١٠.
(٢) حديث: " من أسلف في شيء. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ٤٢٩) ومسلم (٣ / ١٢٢٧) من حديث ابن عباس، واللفظ للبخاري.
(٣) بدائع الصنائع ٥ / ٢٠٨، ومغني المحتاج ٢ / ١٠٧.