للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - طَهَارَةُ الْهِرِّ:

٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي طَهَارَةِ الْهِرِّ.

فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْهِرَّ طَاهِرٌ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ " (١) .

وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمُ الطَّحَاوِيُّ، إِلَى أَنَّ الْهِرَّةَ نَجِسَةٌ لِنَجَاسَةِ لَحْمِهَا.

قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْقِيَاسَ فِي الْهِرَّةِ نَجَاسَةُ سُؤْرِهَا؛ لأَِنَّهُ مُخْتَلِطٌ بِلُعَابِهَا الْمُتَوَلِّدِ مِنْ لَحْمِهَا النَّجِسِ، لَكِنْ سَقَطَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ اتِّفَاقًا بِعِلَّةِ الطَّوَافِ الْمَنْصُوصَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ يَعْنِي أَنَّهَا تَدْخُل الْمَضَايِقَ، وَلاَزِمُهُ شِدَّةُ الْمُخَالَطَةِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ صَوْنُ الأَْوَانِي مِنْهَا.

وَفِي مَعْنَاهَا سِوَاكِنُ الْبُيُوتِ، لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَسَقَطَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَبَقِيَتِ الْكَرَاهَةُ، لِعَدَمِ تَحَامِيهَا النَّجَاسَةَ (٢) .


(١) حَدِيث: " إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطوا فَين. . . " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد (١ / ٦٠ ط حِمْص) والترمذي (١ / ١٥٤ ط الْحَلَبِيّ) مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَال: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَاللَّفْظ لِلتِّرْمِذِيِّ
(٢) سُبُل السَّلاَمِ ١ / ٣٠ - ٣١، والبدائع ١ / ٦٥، وحاشية ابْن عَابِدِينَ ١ / ١٤٩، والشرح الصَّغِير ١ / ٤٣ وَمَا بَعْدَهَا، ومغني الْمُحْتَاج ١ / ٢٤، وكفاية الأَْخْيَار ١ / ٦٩، وكشاف الْقِنَاع ١ / ١٩١ - ١٩٣