للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَسَائِل الْبَرَاءَةِ:

٢١ - حُكْمُهَا وَمَجَالُهَا: اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ مَعْلُومًا لِلْمُشْتَرِطِ أَمْ مَجْهُولاً لَهُ، وَمَهْمَا كَانَ مَحَل الْعَقْدِ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْحَيَوَانِ وَحْدَهُ (١) . لأَِنَّ الْحَيَوَانَ قَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ فَيَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لاَ يَعْلَمُهُ مِنَ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ (٢) .

وَالأَْصْل فِي اعْتِبَارِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ أَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حِينَ بَاعَ غُلاَمًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَقَال الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: بِالْغُلاَمِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي. فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَال الرَّجُل: بَاعَنِي عَبْدًا وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ. وَقَال عَبْدُ اللَّهِ: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ: لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ. فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ


(١) قال ابن جزي: وقيل يجوز في كل مبيع (القوانين الفقهية ٢٥٦) ، الدسوقي ٣ / ١١٩.
(٢) في المقدمات لابن رشد ٥٨٠ التصريح بأن البراءة لا تفيد إلا في عيب لم يعلمه البائع، أما إن كان علمه فدلس به فلا.