للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَشْخَاصٍ مَخْصُوصِينَ، عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.

٤١ - وَمَحَل الْقَسَامَةِ يَكُونُ عِنْدَ وُجُودِ قَتِيلٍ فِي مَحَلَّةٍ لاَ يُعْرَفُ قَاتِلُهُ.

فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَدَاوَةٌ وَلاَ لَوْثٌ (أَيْ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ تُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِصِحَّةِ التُّهْمَةِ) كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى كَسَائِرِ الدَّعَاوَى: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْقَوْل قَوْل الْمُنْكِرِ. وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ يَمِينٌ؛ لأَِنَّ النُّكُول عَنِ الْيَمِينِ بَذْلٌ، وَلاَ بَذْل فِي الأَْنْفُسِ، فَلاَ يَحِل لِلإِْنْسَانِ أَنْ يُبِيحَ لِغَيْرِهِ قَتْل نَفْسِهِ، وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ إِنْ فَعَل.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ هُنَاكَ لَوْثٌ، كَالْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ، وَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْقَتِيل عَلَى مُعَيَّنٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ، حَلَفَ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ خَمْسُونَ أَنَّ فُلاَنًا هُوَ قَاتِلُهُ عَمْدًا، فَيَسْتَحِقُّونَ الْقِصَاصَ، أَوْ خَطَأً، فَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْقَسَامَةَ لاَ تُوَجَّهُ إِلاَّ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَيَخْتَارُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيل خَمْسِينَ مِنْ أَهْل الْمَحَلَّةِ، فَيَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ وَلاَ يَعْرِفُونَ لَهُ قَاتِلاً. فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَتُسْتَحَقُّ الدِّيَةُ. (١)

وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَاخْتِلاَفٌ، مَوْطِنُ بَيَانِهِ بَحْثُ الْقَسَامَةِ.

الْقَضَاءُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ:

٤٢ - الْعُرْفُ: مَا اسْتَقَرَّ فِي النُّفُوسِ مِنْ جِهَةِ الْعُقُول، وَتَلَقَّتْهُ الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ بِالْقَبُول. وَيَدْخُل فِي هَذَا التَّعْرِيفِ " الْعَادَةُ " عَلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ. وَقِيل:


(١) البدائع ٧ / ٢٨٦ وما بعدها، والقليويى على شرح المنهاج ٤ / ١٦٦ وما بعدها، والشرح الكبير ط دار الفكر ٤ / ٢٣٥ وما بعدها، وغاية المنتهى ط الشيخ علي آل ثاني ٣ / ٣٠٨، والمغني لابن قدامة ط المنار الأولى ١٠ / ٣ وما بعدها.