للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا رَسُول اللَّهِ، فَرَفَعَ رَسُول اللَّهِ يَدَهُ عَنِ الضَّبِّ، قَال خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: لاَ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَال خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيَّ (١) . وَشَرَحَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَقَال: قَال ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا كَانَ يَسْأَل، لأَِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لاَ تَعَافُ شَيْئًا مِنَ الْمَآكِل لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَعَافُ بَعْضَ الشَّيْءِ، فَلِذَلِكَ كَانَ يَسْأَل. وَيَحْتَمِل أَنَّهُ كَانَ يَسْأَل لأَِنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ وَإِبَاحَةِ بَعْضِهَا، وَكَانُوا لاَ يُحَرِّمُونَ مِنْهَا شَيْئًا، وَرُبَّمَا أَتَوْا بِهِ مَشْوِيًّا أَوْ مَطْبُوخًا فَلاَ يَتَمَيَّزُ مِنْ غَيْرِهِ إِلاَّ بِالسُّؤَال عَنْهُ.

ثَانِيًا: الْمُبَادَرَةُ إِلَى الأَْكْل إِذَا قُدِّمَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ مِنْ مُضِيفِهِ:

٩ - فَإِنَّ مِنْ كَرَامَةِ الضَّيْفِ تَعْجِيل التَّقْدِيمِ لَهُ، وَمِنْ كَرَامَةِ صَاحِبِ الْمَنْزِل الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَبُول طَعَامِهِ وَالأَْكْل مِنْهُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا رَأَوُا الضَّيْفَ لاَ يَأْكُل ظَنُّوا بِهِ شَرًّا، فَعَلَى الضَّيْفِ أَنْ يُهَدِّئَ خَاطِرَ مُضِيفِهِ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى طَعَامِهِ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ اطْمِئْنَانًا لِقَلْبِهِ (٢) .

ثَالِثًا: غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل الطَّعَامِ:

١٠ - يُسْتَحَبُّ غَسْل الْيَدَيْنِ قَبْل الطَّعَامِ، لِيَأْكُل بِهَا وَهُمَا نَظِيفَتَانِ، لِئَلاَّ يَضُرَّ نَفْسَهُ بِمَا قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِمَا مِنَ الْوَسَخِ. وَقِيل: إِنَّ ذَلِكَ لِنَفْيِ الْفَقْرِ، لِمَا فِي


(١) حديث خالد بن الوليد " أنه دخل. . . " رواه البخاري (فتح الباري ٩ / ٥٣٤، ٦٦٢) وبوب عليه. باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو.
(٢) تفسير القرطبي ٩ / ٦٤.