للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاَ يُعْرَفُ قَدْرُهُ فِي الدِّرْهَمِ بِمُجَرَّدِ مُشَاهَدَتِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرَ الرِّضَا بِهِ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الإِْعْلاَمَ بِالْعَيْبِ - الَّذِي يَنْتَفِي بِهِ الْخِيَارُ - هُوَ الإِْعْلاَمُ الْمُفِيدُ، وَهُنَا لَمْ يَسْتَفِدْ إِلاَّ وُجُودَ زَيْفٍ فِي الثَّمَنِ، أَمَّا كَمْ هُوَ؟ فَلَمْ يُحَدِّدْ (١) .

١٩ - وَقَدْ تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ إِلَى صُورَةٍ رُبَّمَا كَانَتْ نَادِرَةً فِي السَّابِقِ، إِلاَّ أَنَّهَا أَصْبَحَتِ الآْنَ مُحْتَمِلَةَ الْوُقُوعِ كَثِيرًا لِتَنَوُّعِ خَصَائِصِ الأَْشْيَاءِ وَخَفَاءِ عِلَلِهَا، بِحَيْثُ يَرَى الْمَرْءُ الأَْمْرَ الَّذِي يُلاَبِسُهُ الْعَيْبُ وَلَكِنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ، أَوْ يَعْلَمُهُ عَيْبًا وَلَكِنْ يَحْسِبُهُ لاَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَهُوَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ. فَإِذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالأَْمْرِ الْمُعْتَبَرِ عَيْبًا دُونَ أَنْ يَدْرِيَ أَنَّهُ عَيْبٌ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّهُ عَيْبٌ، فَالْحُكْمُ هُنَا أَنْ يُنْظَرَ: إِنْ كَانَ عَيْبًا بَيِّنًا لاَ يَخْفَى عَلَى النَّاسِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ يَخْفَى وَلاَ يَعْرِفُهُ إِلاَّ ذَوُو الْخِبْرَةِ أَوِ الْمُخْتَصُّونَ بِتِلْكَ الأَْشْيَاءِ فَلَهُ الرَّدُّ.

(الشَّرِيطَةُ الثَّالِثَةُ) عَدَمُ الْبَرَاءَةِ:

٢٠ - يُشْتَرَطُ لِقِيَامِ الْخِيَارِ أَنْ لاَ يَكُونَ الْبَائِعُ قَدِ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْعَيْبِ أَوِ الْعُيُوبِ الَّتِي فِي الْمَبِيعِ. وَلِهَذِهِ الشَّرِيطَةِ تَفَاصِيل وَافِيَةٌ، بَل اقْتِرَانُهَا بِالْبَيْعِ يَجْعَل مِنْهُ نَوْعًا خَاصًّا مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ يُدْعَى بَيْعَ الْبَرَاءَةِ (٢) .


(١) الشرواني على تحفة المحتاج ٤ / ١٥١ - ١٥٢.
(٢) قال السبكي: هذا الفصل باب مستقل، بوب عليه المزني والأصحاب بباب بيع البراءة وكثير من الأصحاب = أدرجوه في هذا الباب (أي خيار العيب) لأنه من مسائله (١٢ / ٣٩٨) ، وشرح المنهج للقاضي زكريا ٣ / ١٣٢ - ١٣٣، وهو صنيع ابن رشد ٢ / ١٨٤، وقد جعل بيع البراءة قسيمًا للبيع المطلق.