للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقِّهِمَا لاَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، بَل جُعِل فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا مُلْحَقًا بِالْعَدِمِ، وَلأَِنَّ الْمُرَابَحَةَ بَيْعٌ يُجْرِيهِ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ فَتَجِبُ صِيَانَتُهُ عَنِ الْجِنَايَةِ وَعَنْ شُبْهَةِ الْجِنَايَةِ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ تَمَكَّنَتِ التُّهْمَةُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا، لِجَوَازِ أَنَّ رَبَّ الْمَال بَاعَهُ مِنَ الْمُضَارِبِ بِأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَرَضِيَ بِهِ الْمُضَارِبُ، لأَِنَّ الْجُودَ بِمَال الْغَيْرِ أَمْرٌ سَهْلٌ، فَكَانَتْ تُهْمَةُ الْجِنَايَةِ ثَابِتَةٌ، وَالتُّهْمَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ، فَلاَ يَبِيعُ مُرَابَحَةً إِِلاَّ عَلَى أَقَل الثَّمَنَيْنِ إِِلاَّ إِِذَا بَيَّنَ الأَْمْرَ عَلَى وَجْهِهِ فَيَبِيعَهُ كَيْفَ شَاءَ، لأَِنَّ الْمَانِعَ هُوَ التُّهْمَةُ وَقَدْ زَالَتْ (١) .

ج - الشُّفْعَةُ فِي الْمُضَارَبَةِ

٤٤ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ لَوِ اشْتَرَى دَارًا وَرَبُّ الْمَال شَفِيعُهَا بِدَارٍ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، لأَِنَّ الْمُشْتَرَى وَإِِِنْ كَانَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَكِنَّهُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، بِدَلِيل أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ انْتِزَاعَهُ مِنْ يَدِ الْمُضَارِبِ، وَلِهَذَا جَازَ شِرَاؤُهُ مِنَ الْمُضَارِبِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ دَارًا مِنَ الْمُضَارَبَةِ وَرَبُّ الْمَال شَفِيعُهَا فَلاَ شُفْعَةَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ رِبْحٌ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا إِِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ فَلأَِنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلُهُ بِالْبَيْعِ،


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٠٢، وانظر الدر المختار ورد المحتار ٤ / ٤٩١.