للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ مِنِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ وَعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الأَْلْفَاظِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الدَّلاَلَةِ بِحَسَبِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، كَمَا قِيل مِنْ أَنَّ (عِنْدَ) وَ (مَعَ) لِلأَْمَانَاتِ، وَ (عَلَى) لِلدُّيُونِ، عَلَى مَا سَبَقَ.

وَقَدْ تَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُرَادِ بِالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ حَتَّى جَعَلُوهَا تَشْمَل " الدُّيُونَ وَالْقَرْضَ وَالْقِرَاضَ وَالْوَدَائِعَ وَالرُّهُونَ وَالْمِيرَاثَ، وَكَذَلِكَ الْحَقُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الإِْتْلاَفِ كَالْغُرْمِ لِلْمَال " وَهُوَ إِطْلاَقٌ اصْطِلاَحِيٌّ لَيْسَ خَاصًّا بِهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ قَال: لاَ حَقَّ لِي قِبَل فُلاَنٍ، يَدْخُل الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَالْكَفَالَةُ وَالْجِنَايَةُ. (١)

فَالإِْبْرَاءُ عَنِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ لِلْعَبْدِ، كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ، صَحِيحٌ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا الْحُقُوقُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَل، كَحَدِّ الزِّنَى فَلاَ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ عَنْهَا. وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ بَعْدَ طَلَبِهِ، وَحَدِّ السَّرِقَةِ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ. وَأَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي غَلَبَ فِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ، كَالتَّعْزِيرِ فِي قَذْفٍ لاَ حَدَّ فِيهِ، فَيَصِحُّ الإِْبْرَاءُ عَنْهُ. وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ مَوْطِنُهُ الأَْبْوَابُ الَّتِي يُفَصَّل فِيهَا ذَلِكَ الْحَقُّ.

الإِْبْرَاءُ عَنْ حَقِّ الدَّعْوَى:

٤٣ - الإِْبْرَاءُ عَنِ الدَّعْوَى إِمَّا أَنْ يَرِدَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا، وَكَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَحْصُل أَصَالَةً أَوْ تَبَعًا، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:


(١) السياسة الشرعية لابن تيمية ٦٩ / ١٢٠، وفتح القدير لابن الهمام ٤ / ١٦٢ ط بولاق، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤١١، إعلام الأعلام لابن عابدين ٢ / ٩٨، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٦