للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَامِنًا - قَضَاءُ الْمَرِيضِ دُيُونَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ

٣٠ - إِذَا قَضَى الْمَرِيضُ دُيُونَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ فَإِنْ كَانَتِ التَّرِكَةُ تَفِي بِكُل دُيُونِ الْمَرِيضِ، فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى نَفَاذِ قَضَائِهِ هَذَا، وَلاَ حَقَّ لِبَقِيَّةِ الدَّائِنِينَ فِي الاِعْتِرَاضِ عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ بِهَذَا الْعَمَل عَلَى حَقِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الدُّيُونُ مُخْتَلِفَةً فِي الْقُوَّةِ أَوْ مُتَسَاوِيَةً فِيهَا (١) .

أَمَّا إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ لاَ تَفِي بِجَمِيعِ الدُّيُونِ، وَقَضَى الْمَرِيضُ بَعْضَ دَائِنِيهِ:

فَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَلِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ أَنْ يُزَاحِمُوا مَنْ قَضَاهُمُ الْمَرِيضُ بِنِسْبَةِ دُيُونِهِمْ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِقَضَاءِ بَعْضِ الدُّيُونِ دُونَ بَعْضٍ، فَلاَ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ، فَكَذَا إِذَا قَضَاهَا (٢) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ: يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ لِمَنْ قَضَى مِنْ دَائِنِيهِ، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ مِنَ الدَّائِنِينَ الْبَاقِينَ حَقُّ الاِعْتِرَاضِ عَلَيْهِ أَوْ مُشَارَكَةُ مَنْ قَبَضَ مِنَ الدَّائِنِينَ فِيمَا قَبَضَ، لأَِنَّ الْمَرِيضَ قَدْ أَدَّى وَاجِبًا عَلَيْهِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى شَيْئًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَأَدَّى ثَمَنَهُ، أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ كَذَلِكَ وَسَلَّمَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ إِيفَاءَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ قَضَاءٌ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ، وَقَدْ صَحَّ عَقِيبَ الْبَيْعِ، فَكَذَلِكَ إِذَا


(١) نهاية المحتاج ٤ / ٣٤٢، المدونة ٤ / ١٠٨، والإقناع ٣ / ٤٢، والمغني ٦ / ٥٠٤.
(٢) المدونة ٤ / ١٠٨، ونهاية المحتاج ٤ / ٣٤٢.