للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرَاخَى عَنْهُ، إِذْ لاَ أَثَرَ لِتَرَاخِيهِ (١)

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الدُّيُونُ مُخْتَلِفَةً فِي الْقُوَّةِ، وَقَضَى الْمَرِيضُ مِنْهَا الدَّيْنَ الْقَوِيَّ، وَهُوَ دَيْنُ الصِّحَّةِ، فَلاَ حَقَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الضَّعِيفِ فِي الْمُعَارَضَةِ، لأَِنَّ حَقَّهُ مُؤَخَّرٌ، أَمَّا إِذَا قَضَى مِنْهَا الدَّيْنَ الضَّعِيفَ، وَهُوَ دَيْنُ الْمَرَضِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْقَوِيِّ حَقُّ مُعَارَضَتِهِ، لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ.

٣١ - أَمَّا إِذَا كَانَتِ الدُّيُونُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْقُوَّةِ، بِأَنْ كَانَتْ كُلُّهَا دُيُونَ صِحَّةٍ، أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا دُيُونَ مَرَضٍ، وَقَضَى الْمَرِيضُ بَعْضَ الْغُرَمَاءِ دُيُونَهُمْ، ثَبَتَ لِلْبَاقِينَ حَقُّ الاِعْتِرَاضِ عَلَى تَفْضِيلِهِ بَعْضَهُمْ عَلَى الْبَعْضِ الآْخَرِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجَمِيعِ بِمَالِهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِيمَا قَبَضُوهُ مِنَ الْمَرِيضِ، كُلٌّ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ، وَلاَ يَخْتَصُّ الآْخِذُ بِمَا أَخَذَ (٢) ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مَهْرًا أَوْ أُجْرَةَ شَيْءٍ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ، لأَِنَّ مَا حَصَل لِلْمَرِيضِ مِنْ مَنْفَعَةِ النِّكَاحِ وَسُكْنَى الدَّارِ لاَ يَحْتَمِل تَعَلُّقَ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ، وَلاَ يَصْلُحُ لِقَضَاءِ حُقُوقِهِمْ، فَصَارَ وُجُودُ هَذَا الْعِوَضِ وَعَدَمُهُ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَكَانَ إِبْطَالاً لِحَقِّهِمْ، وَلَيْسَتْ


(١) نهاية المحتاج ٤ / ٣٤٢، والإقناع للحجاوي ٣ / ٤٢.
(٢) بدائع الصنائع ٧ / ٢٢٦، وتكملة فتح القدير ٧ / ٦ وما بعدها، والمبسوط ١٨ / ٢٨، والفتاوى البزازية ٥ / ٤٥٧.