للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْ أَوْدَعَهُ رَجُلٌ حِنْطَةً، وَآخَرُ شَعِيرًا، فَخَلَطَهُمَا، فَهُوَ ضَامِنٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِثْل حَقِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّ الْخَلْطَ إِتْلاَفٌ.

وَعِنْدَهُمَا: لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا الْعَيْنَ وَيَبِيعَاهَا وَيَقْتَسِمَا الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِنْطَةِ مَخْلُوطَةً بِالشَّعِيرِ، وَعَلَى قِيمَةِ الشَّعِيرِ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالْحِنْطَةِ، لأَِنَّ قِيمَةَ الْحِنْطَةِ تَنْقُصُ بِخَلْطِ الشَّعِيرِ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّ الثَّمَنَ لِقِيَامِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْعَيْنِ، بِخِلاَفِ قِيمَةِ الشَّعِيرِ، لأَِنَّ قِيمَةَ الشَّعِيرِ تَزْدَادُ بِالْخَلْطِ بِالْحِنْطَةِ، وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ مِلْكُ الْغَيْرِ، فَلاَ يَسْتَحِقُّهَا صَاحِبُ الشَّعِيرِ. (١)

(د) ـ السَّفَرُ بِالْوَدِيعَةِ:

٤٩ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ لِلْوَدِيعِ السَّفَرَ بِالْوَدِيعَةِ إِذَا أَذِنَ صَاحِبُهَا بِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَقَدِ اعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الإِْيدَاعَ فِي السَّفَرِ إِذْنًا ضِمْنِيًّا لِلْوَدِيعِ فِي أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، لأَِنَّ عِلْمَ الْمُودِعِ بِحَالِهِ عِنْدَ إِيدَاعِهِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِذَلِكَ دَلاَلَةً (٢) .

أَمَّا إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالسَّفَرِ بِهَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ


(١) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢١٣.
(٢) بِدَايَة الْمُجْتَهِدِ ٢ / ٣١١، وَشَرْح مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ ٢ / ٤٥٤، وَكِفَايَة الأَْخْيَار ٢ / ٨، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٢٩، وَأَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٧٧.