للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّافِعِيَّةِ، وَمَحَلُّهُ إِذَا أَمِنَ خُرُوجَ شَيْءٍ بَعْدَهُ، فَيَنْدُبُ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الاِسْتِبْرَاءِ (١) .

٨ - وَدَلِيل الاِسْتِبْرَاءِ حَدِيثَانِ:

الدَّلِيل الأَْوَّل: الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ أَيْ بُسْتَانٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، ثُمَّ قَال: بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآْخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُل قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيل: لَهُ يَا رَسُول اللَّهِ؛ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (٢) .

وَعَلَّقَ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: لاَ يَسْتَتِرُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ بِمِثْنَاتَيْنِ مِنْ فَوْقُ: الأُْولَى مَفْتُوحَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ: يَسْتَبْرِئُ بِمُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ مِنَ الاِسْتِبْرَاءِ، ثُمَّ قَال: وَأَمَّا رِوَايَةُ الاِسْتِبْرَاءِ فَهِيَ أَبْلَغُ فِي التَّوَقِّي.

الدَّلِيل الثَّانِي: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْل فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ. (٣)

حِكْمَةُ تَشْرِيعِهِ:

٩ - يَقُول عَلِيٌّ الأَُجْهُورِيُّ: إِنَّ الاِسْتِبْرَاءَ مَعْقُول الْمَعْنَى، وَلَيْسَ مِنَ التَّعَبُّدِ؛ لأَِنَّهُ بِالاِسْتِبْرَاءِ يَنْتَهِي خُرُوجُ الْحَدَثِ الْمُنَافِي لِلْوُضُوءِ (٤) .


(١) رد المحتار ١ / ٢٣٠
(٢) حديث: " يعذبان وما يعذبان. . . . " فتح الباري ١ / ٣١٧ - ط السلفية، ومسلم ١ / ٢٤٠ - ٢٤١ ط عيسى الحلبي.
(٣) نيل الأوطار ١ / ١١٤
(٤) شرح الزرقاني على مختصر خليل ١ / ٨١