للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِثْلٍ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لاَ يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ (١) ، وَإِنَّمَا كَانَتْ شَرِكَةً فِي تَحْصِيل الْمَعَادِنِ الْخِلْقِيَّةِ أَوِ الْكُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ فَاسِدَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْمْوَال مِنَ الْمُبَاحَاتِ فَلاَ تَقْبَل التَّوْكِيل فِي أَخْذِهَا، وَالشَّرِكَةُ إِنَّمَا تَقُومُ عَلَى مَعْنَى الْوَكَالَةِ، فَكُلٌّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ عَنِ الآْخَرِ فِي التَّقَبُّل وَالْعَمَل حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي الرِّبْحِ الْحَاصِل لَهُمَا، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الاِشْتِرَاكِ فِي التَّحْصِيل بِآلَةٍ يَسْتَخْدِمُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي عَمَلِهِ أَوْ بِآلاَتٍ مُشْتَرَكَةٍ (٢) .

الثَّانِي: جَوَازُ الاِشْتِرَاكِ فِي اسْتِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ وَالْكُنُوزِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، خِلاَفًا لاِتِّجَاهِ الْحَنَفِيَّةِ، فَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ جَوَازُ الاِشْتِرَاكِ فِي الْحَفْرِ عَلَى الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ وَالآْبَارِ وَالْعُيُونِ وَكَذَا الْبُنْيَانُ بِشَرْطِ اتِّحَادِ الْمَوْضِعِ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَحْفِرَ هَذَا فِي غَارٍ فِيهِ مَعْدِنٌ وَهَذَا فِي غَارٍ آخَرَ (٣) ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ جَوَازَ الاِشْتِرَاكِ فِي الْمُبَاحِ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالثِّمَارِ الْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْجِبَال وَالْمَعَادِنِ وَالتَّلَصُّصِ عَلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَهَذَا جَائِزٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (٤) .


(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ٥٢، ٣ / ٣٨٢.
(٢) الفتاوى الخانية مع الفتاوى الهندية ٣ / ٦٢٤ - ٦٢٥، والمبسوط ١١ / ٢١٧.
(٣) حاشية الدسوقي ٣ / ٣٦٢.
(٤) المغني لابن قدامة ٥ / ١١١.